في الاستيعاب، كأنه طود علاه سحاب، يحسبه الناظر إليه ربوة تمشى على ساق، أو سحابة أظلمت الآفاق، يهرول في مشيته، وشمارع في خطوته، كثيف في المرأى، خفيف في الوطأى، لو فاجأ عنترة وسليكا، لعجزا عن الإقدام وهلكا، ليس في سيره انزعاج ولا اضطراب، تحسبه جامدا وهو يمر مر السحاب، تفزع منه الطيور، وتتقى صدمته النسور، وخرطومه يتقلب تقلب الأفعى، يتلفف به الملتقم حين يدعى، ويسير به إلى الجهات الست، ويقلع به الصخور والأشجار قطع البت، ظهره عريض بسيط، وصوته رقيق غطيط، غليظ الجثة المرتقبة، قصير الجيد منقبض الرقبة، وعيناه كإكسير زحل، إذ لم يمتز فيهما بياض من كحل، وقوائمه الأربع ويداه ورجلاه أجمع، كأجسام نخل باسقة، أو سوارى متناسقة، يخاله من لا يعرفه عند رؤيته، أن الأرض انقلبت بهرولته، أو زلزلت زلزالها، أو أن الله بذلك أوحى لها، أبصر من هدهد، وأسمع من قنفد.
وفاته: توفى بفاس صبيحة يوم الاثنين التاسع عشر من ذى القعدة الحرام عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف، ودفن قرب ضريح سيدى أبي بكر بن العربى المعافرى خارج باب الشريعة المعروف بباب محروق.