وفى البدور أيضًا: قد نقل بعض الأثبات الثقات أن الأمير محمد الحاج لما وصل بمن معه من أهله وبنيه. وأقاربه وذويه. لمدينة تلمسان، ولم يعبأ بهم إنسان، ونزلوا منها بحرم العباد مستمطرين الفرح بالمآب، من ملك أمور العباد ورب الأرباب. قال: لا إله إلا الله الله أكبر، كنا نظن أن ندخل مدينة الجدار، دخول عز وافتخار، فدخلناها دخول ذل واحتقار، والأمر لله الواحد القهار.
قال: وبقى رحمه الله بتلمسان نحوا من عامين وأربعة أشهر، وتوفى بها عشية يوم الخميس رابع محرم الحرام فاتح عام اثنين وثمانين وألف ودفن من الغد قريبا من ضريح الشيخ محمد بن يوسف السنوسى، فكانت مدة أيامه. من وقت قيامه. وجمع شمل نظامه. بمبايعته أولا وثانيا وصيرورته إماما واليا. إلى وقت ارتحاله وخلعه وإخراجه من وطنه إحدى وثلاثين سنة، إلا أن أيامه كانت غير متمحضة للحرب ولا للسلم.
قال: وبقى من كان معه بتلمسان من بنيه. وأقاربه وذويه، إلى تمام العام فتوفى السلطان الرشيد فكان بين وفاتيهما معا أحد عشر شهرا وستة أيام، وبقى أهل الزاوية بمكانهم نحوا من عامين وأشهر.
قال: وكان خروج أهل الدلاء من العباد -يعنى منقلبهم لفاس- في جمادى الأولى عام خمسة وثمانين وألف، فلما رجعوا كان نزولهم بقرب روضة سيدى على بن حرزهم، وبقوا به مدة ثم أمرهم السلطان مولاى إسماعيل بالدخول للمدينة الإدريسية، وأن يسكنوا منها حيث شاءوا وعظمهم وأعطاهم، وأكرم نزولهم ومثواهم وبالتوقير والاحترام أولاهم وآواهم هـ.
قال الأسير مويت: وكان ابن أبي بكر هذا عالما بنوايا الرشيد لذلك، أخذ يستعد لملاقاته فأرسل أولاده إلى الجبال بقصد حشد الجيوش ثم وزع الأموال واستخلف الأشياخ على أن يعينوه بأموالهم وأنفسهم حتَّى النهاية، فأقسموا له