ولما رأى المترجم من فشل ريحه ما أرى وعلم أنَّه لا طاقة له بمقاومة أبي على كتب للفقيه أبي زكرياء يحيى بن عبد الله بن سعيد الحاجى ثم الداودى يستغيث به وهو بزاوية أبيه من جبل درن، وكان في جملة ما كتب له: إن بيعتى في أعناقكم وأنا بين أظهركم فيجب عليكم الذب عنى ومقاتلة من ناوأنى، فلبى أبو زكرياء نداءه وكانت له شهرة عظيمة بالقطر السوسى، فحشد الجنود من كل فوج، وخرج يؤم مراكش وذلك في ثامن رمضان عام اثنين وعشرين وألف، ولما بلغ يمين فم تنت موضع على مرحلتين من مراكش كتب إليه أبو على ما نصه:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من أحمد بن عبد الله إلى يحيى بن عبد الله بلغنى أنك جندت وبندت، وفى يمين تنوت نزلت، اهبط إلى الوطا لينكشف بينى وبينك الغطا، فالذيب ختال، والأسد جوال، والأيام لا تستقام، إلا بضرب القنا وقطع الحسام والسلام".
فأجابه بما نصه:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من يحيى بن عبد الله إلى أحمد بن عبد الله، أما بعد:
فليست الأيام لى ولك إنما هي للملك العلام، وقد أتيت لك بأهل البنادق الأحرار، من الشبانة ومن انتمى إليهم إلى بنى جرار، وأهل الشرور والبؤس، من هشتوكة إلى بنى كنسوس، فالوعد بينى وبينك جائز هناك حيث ينتقم الله من الظالم، ويتبين الذليل من العزيز والسلام".
ثم زحف يحيى لمراكش إلى أن نزل قرب جبل جليز المطل على مراكش فشب القتال وكانت أول رصاصة في نحر أبي على فمزقت جنوده كل ممزق، ونهيت محلته وقطع رأسه وعلق في رءوس من أصحابه على سور المدينة نحوا من