البربرية وذلك يوم الثلاثاء تاسع جمادى الثانية، وأقام عندهم، أما صاحب الترجمة فقد أمر قواده ورءوس ديوانه بجمع الحركة لفاس في تأخرهم عن بيعته هم والودايا، فامتئلوا أوامره وهيئوا الحركة وخيموا بها على مكناسة الزيتون يترقبون ما يصدر لهم من الأوامر، وفى منتصف جمادى الأولى خرج المترجم من مكناسة قاصدًا حصار فاس فنزل بسيدى عميرة في جيوش جرارة، وذلك يوم الثلاثاء الَّذي فر فيه أخوه مولاى عبد الله للبربر.
ومن الغد خيم بظاهر فاس ووقع الحرب على باب المسافرين بقنطرة ابن طاطوا، ودام القتال من الضحى إلى الزوال، واشتد الحال وعظمت الأهوال، وبقى الودايا وأهل فاس يموج بعضهم في بعض، وبات الناس في شدة عظيمة.
ومن الغد اختلفت كلمة العبيد ووقع بينهم التنازع الَّذي هو أصل الفشل والسبب في ذهاب ريح النجح والفلاح، ورجعوا بالمترجم لمكناس بعد ان أحرقوا نوادر الودايا بالخميس، ولما حلت محلتهم بمكناسة عاثت ونهبت الأجنة وأكلت الثمار، وسعت في الأرض الفساد، وفى ضحوة يوم الخميس خامس عشرى، جمادى المذكور رجع مولاى عبد الله من البربر، ودخل فاسا الجديد، فتلقاه أهلها والودايا بالترحاب والفرح المزيد، ومن يومه خرج لدار الدبيبغ وأقام بها، أما العبيد فقد ذهبوا لمشرع الرملة، وأقام المترجم بمكناسة ألعوبة بين يدى عبيدها تعبث به كيف شاءت لا حول له ولا قوة ولا قدرة على حل أو إبرام دون مشورتهم، والوقوف عند تنفيذ أوامرهم.
ولما جاءوا على ما كان بيده من المال بالخزائن ولم يبق لهم مال ينهبونه صمموا على عزله ومبايعة أخيه لما كان لديه من الأموال وألفوه منه من البذل إليهم، وفى ثالث عشر رمضان عام أربعة وخمسين ومائة وألف صرحوا بعزله