تلك المذاكرات مبنية على العناد والتعصب، وكان السلطان يكره تناعسه وسكوته فأوعز لحاجبه أحمد بن موسى المترجم فيما سلف إخراج المترجم من حلقة المجلس إذا خاض الأعلام في ميدان المباحثة إذا تمادى على سكوته، فلم يسعه إلا امتثال ما أمر به، ثم بعد طرق السبيل الموصل للإشراف على السبب في ذلك وتحقق أنه لا ذنب له غير سكوته، وأن السلطان يعلم اقتداره على القبول والرد، وأنه إنما رشحه لحضور مجالسه للمباهاة به إذ كان صهره ومن أعلام عائلته الكريمة، ثم تشفع فيه فعاد للحضور كما كان، وصار يقرط الآذان بدرر فرائد الفوائد وفق المراد منه.
استوطن مكناسة الزيتون مدة ودرس بجامعها العتيق، وانتفع به خلق، ثم انتقل لفاس وتصدر للتدريس بجامع القرويين منها، عمره الله بدوام ذكره.
هذا والفريق العلوى الذى منه المترجم يعرف بالأمرانيين نسبة إلى الأمرانى، زاوية مباركة بسجلماسة، لها حرمة عظيمة وشرف باذخ، لا ترى أحدا من أشرافها إلا توسمت فيه الصلاح والخير والنجاح، عالما بمصالح دينه ودنياه، قاله في الأنوار السنية.
ولم يزل غيرهم من فضلاء أولاد عمهم الأشراف المقتدى بهم علما وعملا، يعظمونهم ويحترمونهم تعظيما واحتراما فوق ما يعظمون ويحترمون بعضهم بعضا، ويعترفون لهم بمزيدا الفضل والخشية والإعراض عن زخارف الدنيا الدنية، وتلحظهم الملوك العظام بعين الإكبار والإجلال.
وأول خارج من سلجلماسة من هذه العائلة الكريمة هو الجد السادس للمترجم، وهو السيد أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد في معية السلطان العظيم الشأن مولانا الرشيد بن الشريف، لما فر من أخيه المولى محمد فنزل بالزاوية الدلائية بعد ما استقل مولاى الرشيد بالملك، فقرأ العلم هناك، وزوجه الدلائى