نتبعك، فقال التلميذ المحدث وهل تتبع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الشيح: نعم، فما لنا إلا اتباع أحمد، قال: هو الذى قال: لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت، فغضب الشيخ ظانا أن التلميذ يعرض به، وتخلف عن الدرس ثلاثة أيام، وفى اليوم الرابع جاء متأبطا عدة أسفار وضعها أمامه كادت تكون ساترا بينه وبين أهل درسه، وصار يسمى للحاضرين كل كتاب باسمه، ثم قال: قد راجعت المسألة فوجدت الصواب مع هذا الطالب، ووجدت آية تعضده وهى قوله تعالى:{... لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ...}[الأنفال]، فقال التلميذ: الحمد لله قاصدًا الحمد على الموافقة، فظن الشيخ التعنت والظهور عليه، فغضب أيضًا وقام من مجلسه.
قلت: هذه الحكاية كسراب بقيعة، وعند تحرير المناط فيها وإمعان النظر يظهر جليا أنه إنما وقع فيها حال المذاكرة الاشتباه والالتباس، فإن الشيخ بنى بحثه على المعول عليه في المسألة وهو مذهب البصريين الذى اعتمده المحققون كابن مالك وغيره، وخالفهم البغداديون وخلافهم ضعيف كما يأتى.
والتلميذ المجيب لو حقق المناط لكان جوابه بأن ذلك يخرج على هذا القول الضعيف فيبين ذلك عن شيخه أنه نهج في بحثه نهج الطريقة المثلى، التي عليها يتعين البناء في كل ما يتلى، وعن نفسه بأن له اطلاعا واستحضارا أدرك بهما تخفيف ذلك البحث بعد تمكنه بتخريج المبحوث فيه على ذلك القول وإن ضعف.
وأما جوابه بكلام ابن السبكى فهو عين الاشتباه، أما أولا فإنه ليس فيه تنصيص على أن ما قاله موضوعه الشبيه بالمضاف الذى هو محل البحث، وإنما تكلم على ما تفيده النكرة في سياق النفى حين بنائها وعدمه، وهى والحالة هذه لا يتعين كونها من الشبيه بالمضاف بل يجور أن تكون من المفرد كما يأتى، وكيف تقوم الحجة بمحتمل وبمشكوك فيه؟
وأما ثانيا: فابن السبكى مع كون كلامه فيما بيناه إنما أبان حكم ما بعد الوقوع، وبحث الشيخ في أن ذلك لا يجوز الإقدام عليه على المعروف، وكأن