الشيخ لذلك أشار بقوله: إن كانت لك بغلة مسرجة مسرعة إلخ، فكأنه يقول له: إنك أسرعت إلى مقام آخر فلذلك لا نتبعك، فقد فهم الشيخ من الجواب ما ذهل عنه المجيب.
وأما قول المجيب: هل تتبع مولانا رسول الله؟ فهو عين سوء الأدب لما فيه من المواجهة للشيخ بما فيه غض واضح لمقامه هذا لو أتى المجيب بعده بما يصلح للحجة، فكيف وهو إنما أتى بالحديث الذى يجوز أن يكون مرويا بالمعنى كما هو شأن كثير من رواته مع كثرة من دخل فيهم من الأعجميين والمولدين، ولهذا كان التحقيق عدم الاحتجاج بالأحاديث على القواعد العربية إلا حديثا لم يختلف لفظه عند رواته، ثم لو فرضنا أن الحديث هنا متفق على لفظه لم تقم به حجة أيضًا، فقد قال في المغنى في أمثلة الجهة الثانية من الجهات التي تدخل على المعرب الخطأ منها وهى جهة مراعاته معنى صحيحا وغفلته عن النظر في صحة صناعته: الثالث تعليق جماعة الظروف من قوله تعالى: {... لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ... (٤٣)} [سورة هود ٤٣]، {... لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ... (٩٢)} [سورة يوسف ٩٢] ومن قوله عليه الصلاة والسلام: لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت، باسم لا، وذلك باطل عند البصريين لأن اسم لا حينئذ مطول فيجب نصبه وتنوينه، وإنما التعليق في ذلك بمحذوف إلا عند البغداديين هـ.
وقال الشيخ يس: قال الدنوشرى: حمل الحديث على أنه من المطول غير متعين لجواز كونه مفردا، واللام متعلقة بالخبر، والتقدير لا مانع لما أعطيت وكذا فيما بعده هـ.
ونحوه للرضى وغيره، فاتضح بهذا كله أن الأمر في أجوبة التلميذ كما قلنا من أنه ما قام فيها بتحرير المناط، ولا بأدب البساط، وليس العجب من صدور ذلك منه حالة الطيش ومبادى الطلب، وإنما العجب من جموده على ذلك وتبجحه