ثم في يوم الثلاثاء ثامن عشرى جمادى المذكورة أتاه أهل فاس لدار الشامى المذكور وفى طليعتهم أبو الخير قاسم بن رحمون المعتقد المشهور وبايعوه سرا، ومن الغد الذى هو يوم الأربعاء أعلنوا ببيعته وحضر لكتابتها أهل الحل والعقد من علماء وأشراف وأعيان، وبعد كتبها ووقوع الإشهاد على الخاصة والعامة بقبولها ورضاهم بها، علقت بالضريح الإدريسى، وأعلن نصره في الأسواق والأزقة العمومية، ثم ركب فرسه وخرج لزيارة صلحاء البلد فبدأ بضريح أبى العلاء إدريس، ثم خرج على باب الفتوح وزار ما هنالك من الأضرحة، ثم توجه للأضرحة التي بخارج باب عجيسة، ثم رجع ونزل بدار بوعلى الكائنة بحومة المعادى من فاس القرويين، وصار الناس يأتون لتقديم مرام التهانى إليه زرافات ووحدانا.
ثم أمر بحيازة جميع ما بدار القاضى أبى الحسن على بو عنان حيث إنه امتنع من الموافقة على بيعته، لأنه لَمْ يَرَ وجهًا لخلع السلطان عبد الله، واحتمى بالضريح الإدريسى، وصمم على عدم التمادى على القضاء بين الناس بعد أن طلبه المترجم بذلك، ونصب للقضاء بدلا عنه ابن إبراهيم بإكراه، ونكّل بكل من تخلف عن بيعته كالعلامة أبى عبد الله محمد البكرى الدلائى، وأبى عيسى المهدى الفاسى، وأبى مدين بن أحمد الفاسى، وأبى العباس أحمد بوعنان. عزل الأول عن الإمامة بالضريح الإدريسى وسجنه وألزمه غرامة مالية وولى مكانه أبا عبد الله محمد بن على بن إبراهيم، والثانى عن الإمامة بمدرسة الطالعة، وولى مكانه أبا الفخر التاودى ابن سودة. والثالث عزله عن إمامة جامع الأندلس وولى مكانه السيد بوعزة بن إدريس المشاط، والرابع عن إمامة جامع باب عجيسة وجعل بدلا عنه أبا عبد الله محمد السلوى، وضيق غاية التضييق على شيعة أخيه السلطان عبد الله بوشاية من شياطين العبيد.