وفى الجيش وغيره أنه كان يتخلق كثيرًا بأخلاق المنصور الذهبى السعدى ويعجبه حاله وأخباره، يتحلى بسيرته ويستحسنها ويتتبعها أكلا ولباسا، وترتيب دولة وضبط أوقات، فكانت أوقاته لا تتخلف ولا تتداخل أشغالها، وعوائده مقررة لا تختلف، تأسى به في مشوره وسائر حركاته وسكناته، ويصرح بأنه أستاذه وقدوته في شأنه كله هـ.
وقال الزيانى في الترجمان المعرب لما ذكر خروجه لزيارة صلحاء أغمات في فصل الربيع: وكانت حركة نزهة وراحة وصيد أقام بها نحو الشهرين يتقلب في تلك البسائط، وينزل في منازل المنصور رحمه الله، ويقول: هذه منازل المنصور فهو أستاذنا ومقتدانا".
ثم ذكر أنه لما نزل تحت أغمات أتاه قاضيه بكبش وعسل، فوجهه لقاضى العسكر عبد الرحمن بن الكامل وأمره أن ينزل عند القاضي بكبشه وعسله، ولما ارتحل ونزل على وادى نفيس وجه لقاضى العسكر وللكتاب، وكان معه جملة وافرة من أهل الأدب والبلاغة والإنشاء فلما أتوه قال للقاضى عبد الرحمن يداعبه: بم جزيت القاضى على كبشه وعسله؟ فتعلثم وخجل فلما رأى منه ذلك قال له: لو جزيته بأبيات شعرية لخرجت من العهدة ولهذا وجهت لكم فقد سهرت ليلتى في أمري وأمركم، وهجوت نفسى وهجوتكم، لأنه لم يبق في وقتنا هذا أمير ولا وزير ولا كاتب ولا حاجب، فقد وقع مثل هذا في دولة السلطان أحمد المنصور في زيارة أغمات على كبش وعسل، وأمر الكاتب محمد بن المبارك بسرد ما وقع للمنصور من مناهل الصفا للفشتالى وما تنافس فيه الكتاب من النظم والنثر.
وفى الاستقصا: أنه هو الذى جدد هذه الدولة الإسماعيلية بعد تلاشيها. وأحياها بعد خمود جمرتها وتمزق حواشيها، بحسن سيرته، ويمن نقيبته، رحمه الله تعالى ورضى عنه".