وأمر العبيد والودايا بالدخول للإطعام، فلما دخلوا غلقت الأبواب عليهم واستؤصلوا قبضا وأصدر الأمر للعساكر بالغارة على حللهم فلم تغرب شمس ذلك اليوم حتى كانت منازلهم حصيدا كأن لم تغن بالأمس، وأغلق من بقى منهم بفاس الجديد أبواب المدينة، ولما جن الليل فرت شرذمة منهم للاستيجار بزاوية اليوسى والباقي بفاس منهم صعد على الأسوار.
ولما أصبح الصباح صاحوا من فوقها يطلبون الأمان على أنفسهم وأهليهم فأمنهم، ونقلوا أولادهم لفاس القديمة، وأنزل صاحب الترجمة بفاس الجديد ألفا من عبيده نقلهم بأولادهم من مكناسة، وولى عليهم علال بن مسعود، وسرح من الودايا القائد قدور بن الخضر مع أربعة من أهل الصلاح منهم، وأمرهم أن يقيدوا له المفسدين فقيدوا خمسين من أشرار طغاتهم، فأمر بإغلالهم في السلاسل، قرن كل اثنين في سلسلة وأركبهما على جمل ووجه بهم على الصفة المذكورة لسجن مراكش، ليكونوا عبرة لمن يمرون عليه من القبائل.
وأمر قدور بن الخضر بتسريح الباقين، وكانوا أربعمائة ويضيف إليهم ستمائة من بقية إخوانهم ويلزمهم مبارحة فاس، والتوجه لقبائلهم، وقيد ألفا في دفتر وولى عليهم القائد المذكور، ثم أمرهم بالرحيل لمكناسة وعين لهم قصبة الأروى للسكنى، فبنوا بها نوائلهم، ونزل قائدهم بدار صاحب الأروى أيام سيدنا الجد الأكبر أبى النصر إسماعيل، وأعطاهم الخيل وسلحهم وكساهم ولم يلتفت لما كان بأيديهم من المتاع، فصلحت أحوالهم ولم يعودوا بعد لما كانوا عليه من الغى والفساد قبل، ولا زال عقب هؤلاء الودايا إلى اليوم بالأروى المذكور.
ثم ولى المترجم وجهه نحو الأمراء الذين لم يقلعوا عن جورهم وظلمهم وبقوا متمادين على ما كانوا عليه من الاستبداد والعتو زمن الفترة مع والده