الكلام هكذا بحرًا وَبَرًّا، وأن السلطان رحمه الله إنما أخره لاختصاره الكلام وإجحافه به حتى سهل على النصارى تحريفه، وكان من حقه أن يأتي بعبارة مطولة مفصلة حتى لا يمكن تحريفها فيقول مثلا: والمهادنة بيننا وبينكم إنما هى في البحر، وأما البر فلا مهادنة بيننا وبينكم فيه أو نحو هذا من الكلام، فيصعب تحريفه، وقد نص أهل علم التوثيق على هذا، وأن الموثق يجب عليه أن يبسط الكلام ما استطاع ويتجنب الاختصار المجحف وما يؤدى إليه بوجه من الوجوه والله أعلم هـ.
وفى عام ستة وثمانين عزل قاضى الرباط أبا على الحسن بن أحمد الغربى، وولى مكانه أبا عبد الله محمد بن سعيد الفيلالى، وذلك في رجب وفيه صدر الأمر العالي ببناء مرسى فضالة، وفيه ولى الحاج عبد الوهاب اشكالنطو الأندلسى ثم الرباطى عمالة الرباط.
وفى سنة سبع وثمانين حرك لآيت ومالو بإغراء من بلقاسم الزموري، حيث كانوا امتنعوا من قبوله عاملا عليهم، وطلب من الجلالة السلطانية إمداده بجند يرغمهم به على قبول ولايته، فأعطاه ثلاثة آلاف فارس وضم إليها إخوانه زمور وتوجه إليهم، ولما التقى الجمعان بوادى أم الربيع كانت الهزيمة على الزمورى المذكور، فولى الأدبار وغضب السلطان لذلك وأمر بخروج العسكر، وبحث لأمراء القبائل أعرابا وبرابرة، ولما وردوا على جلالته نهض من مكناسة.
قال أبو القاسم الزيانى في البستان: وكنت معه في تلك الحركة وأنا في حيز الإهمال، أتوقع الموت كل يوم بسبب ما كتب له بلقاسم الزمورى في شأنى وأنى أنا الذى أفسدت عليه القبائل، ولما بلغ السلطان محلة بلقاسم واجتمع به ونزلت تلك العساكر كلها في بسيط واحد بمريرت، أشار على السلطان أن يقسم تلك العساكر على ثلاثة فرق: فرقة بتامساكت، وفرقة بزاوية محمد الحاج، وفرقة تكون معه على طريق تكط، والسلطان ينزل بعساكره بقصبة آدخسان، وتقصدهم العساكر من كل ناحية، وقرب للسلطان البعيد، والحال أنه لا يعرف البلاد.