قال أبو محمد عبد السلام نجل صاحب الترجمة في مؤلفه "اقتطاف الأزهار من حدائق الأفكار": وكان والدى نصره الله، وأدام لنا وللمسلمين علاه حريصا على تعليم أولاده، تابعا في ذلك سنة آبائه وأجداده، يجلب العلماء لحضرته السعيدة، المباركة الحميدة، ويحث على تعليم العلم في سائر القرى والمدن ويكرم الأعلام، وهو نصره الله مشارك في جميع الفنون العظام، قد وسع أهل العلم إنعاما وإحسانا، وعطاء وامتنانا، يعلى مجالسهم، ويستخرج نفائسهم، ويكثر جوائزهم، ويقضى حوائجهم، وله مع الفقهاء مذاكرات ومحادثات في سائر الأيام، وممر الدهور والأعوام، فيلقى عليهم من المسائل المشكلات في الحديث والسير والأخبار وضروب من الفنون العربية، ونكت من المقطعات الأدبية، فلا يهتدون إليها إلا بعد الاطلاع، وسواء في ذلك ذو العارضة أو قصير الباع. هـ
وحبس خزانة كتب جده السلطان الأعظم أبى النصر إسماعيل التي كانت بدويرة الكتب الشهيرة بمكناس، وفرقها على جميع مساجد المغرب، وكانت تزيد على الاثنى عشر ألف مجلد، رجاء نفع عموم الناس وسعيا وراء نشر العلم وتحصيله.
ومن ذيول هذا الباب ما أصدره لأبى مدين الفاسى في إسناد أمر زاويتهم الفاسية إليه مع الخطبة والإمامة بالقرويين، ونص ذلك بعد البسملة والصلاة:
"عن أمر عبد الله الغالب بالله المعتمد على الله الناصر لدين الله المفوض جميع أموره إلى مولاه، في سره ونجواه، أمير المؤمنين بن أمير المؤمنين بن أمير المؤمنين (ثم الطابع بداخله محمد بن عبد الله بن إسماعيل الله وليه ومولاه وبدائرته ومن تكن إلخ) أيد الله أمره وسلطانه، وقوى على حزب الشرك أنصاره وأعوانه، وأسس على قواعد التقوى رواياه وأركانه، وحرس بعينه التي لا تنام إيالته وأوطانه، وأسعد عصره وأوانه، يستقر هذا الظهير الكريم المبارك الجسيم،