للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما حكم به القاضى فليفت له، ويتعين حينئذ على القاضى أن يحكم بذلك القول المشهور، الذى أفتى به صاحب الفتيا، وإذا تمادى القاضى على حكمه الواهى ولم يعمل بالقول المشهور الذى كتب به المفتى فواجب على السلطان نزعه وينقض ذلك الحكم الأول؛ لأن الحق أحق أن يتبع، انظر قضية السيد سلمان الفارسى مع سيدى أبى الدرداء رضى الله عنهما في المسانيد إن كنت من أهل الحديث وطالعها".

ثم أتبعه بما نصه:

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، اعلم أنه مما ينبغى الإسراع إليه، وتنبيه قضاة الوقت عليه، أن كل من أراد أن يشترى دابة أو أمة أو عبدًا فإنه لا يعقد الشراء مع المالك الذى أراد البيع إلا بعد التقليب الشافى، والاختبار الكافى، فإن لم يكفه التقليب في اليوم الأول زاد اليوم الثانى، وإلا زاده اليوم الئالث، فإن خلصه في اليوم الثالث وحاز المشترى مشتراه والبائع ثمنه فلا رجوع للمشترى على البائع بشئ يجده في مشتراه، وإن كان سبب موته وهلك في يده لأنه كان قلب ورضى وحاز وتصرف، وقد أمرنا بهذا الأمر لما ظهر لنا فيه من المصلحة ورفع النزاع، ولا سيما وبياطرة الوقت قد قلت أمانة الغالب منهم فيستخرجون عيوبا ليست موجودة في الدابة.

فنأمر جميع القضاة وغيرهم من الولاة في سائر إيالتنا السعيدة أن يعملوا بأمرنا هذا ويقفوا عنده، وأن لا يتجاوزوا حده، والقاضى لا يثبت رسما يتضمن ما قام به المشترى من العيوب المذكورة، وإنما يثبت رسم الاستحقاق -يعنى إن سرقت دابة أو ذهبت- ولا يقبل القاضى شهادة أجنبى إلا إذا كان من جيرانه إن كان من أهل الحضر، ومن جيرانه إن كان من أهل البادية؛ لأن الأجنبى لا علم له بالدابة، وإن شهد شهد زورًا، وجيرانه تكون عندهم معرفة الدابة متحققة لأن مرورهم عليها في الصباح والمساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>