للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسألة فصل القضاء على الدواب مسألة صعبة كثيرًا، وأنا أُبينها وأبدأ بالفرس لأنه أشرف الدواب، فإن كان الفرس من عتاق الخيل فإن أهل ربعه النازلين معه كلهم يعرفون الفرس معرفة شافية لحسنه وجودته، فإذا سرق الفرس المذكور وأتى أهل الربع المذكور يشهدون على الفرس فأول شهادتهم السب والشتم لمن وجد في يده لمعرفتهم به فلا يبلغون إلى القاضى حتى يملأوا أذنيه سبا وشتما، فعند ذلك يقولون للقاضى: هذا الفرس نعرفه كما يعرف بعضنا بعضا.

وإن كان جملا في غاية الجودة وحسن الصورة، فهو ملحق بالفرس في شهادته.

وإن كان ثورا في غاية الحسن والجودة فإنه يلحق بهما.

وبقى فصلان يكون الفرس والجمل والثور المذكورات ليس بالردئ ولا بالجيد، فإذا جاء الشهود يجيئون إليه ويدرون به ويتأملونه، فإذا استوفيت البينة منهم أخذه صاحبه.

والقسم الثالث: أن يكون الفرس أو الجمل أو الثور أو الحمار رديئا جدا، فهذا تصعب البينة عليه ولا يعرفه إلا ربه أو جيرانه، فلا يجد صاحبه من يكمل له البينة، فيجب على القاضى أن يصلح بين من وجدت في يده وبين من ادعى أنها ملكه، ولا يلتفت القاضى إلى البياطرة وأقوالهم.

فكل من اشترى دابة وحازها فلا يرجع على بائعها إلا في مسألة واحدة ترجع بها الدابة، وهى أنه إذا كان فيها الداء المسمى بالمغلة فإنها ترجع لصاحبها، ولو أقامت عند المشترى سنة، وأما الداء الذى يسمى بالذباب فإن ظاهر الدابة التي يكون فيها تكون عجفاء شحبا ويكون ظاهرا في. . . (١) وفى عينيها، فإذا اشتراها


(١) مكان النقط بياض بالمطبوع. وبالهامش: "بياض بالأصل المنقول منه، هـ. مؤلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>