وقال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [سورة الحج ٤١] وقال عليه السلام: "كلكم راع ومسؤل عن رعيته".
وقد بلغنا ما حدث في العامة من عموم الجهل بالتوحيد وأصول الشريعة وفروعها حتى ارتكبوا أمورًا تقارب الكفر أو هى الكفر بعينه، وذلك من خلو القبائل من طلبة العلم العاملين وقلة المرشد المعين حتى لا تجد في القرية الكبيرة عالما يرجعون إليه في مسائل دينهم ونوازل أحكامهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وذلك من تفريط العمال وقلة اعتنائهم بالدين والعهدة عليهم في ذلك، لأنهم ينبغى لهم الغبطة في العلم والعلماء وتقريب أهل الخير والدين؛ والاقتداء بالأولياء والصالحين؛ وإعانة النجباء من قبيلتهم على طلب العلم من محله؛ وأخذه عن أهله؛ ففى الحديث: طلب العلم فريضة؛ وقال عليه السلام:"اطلبوا العلم ولو بالصين". وفى الحديث:"العالم في قومه كالنبى في أمته".
فإن العالم إذا كانت بطانته صالحة كانت أعماله جارية على الصلاح والسداد، وإذا كانت بطانته على غير هداية كانت أحكامه مخالفة للشريعة فضل وأضل، وقد قال عليه السلام:"ما من وال إلا له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن وقى بطانة السوء فقد وقى". وقال عليه السلام:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". وقال عليه السلام:"بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء". وقال عليه السلام:"يأتى على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر".