فينبغى للمؤمن الموقن أن يسمع ويطيع لما أمر الله به من الجهاد، ويستعد بما قدر عليه من سلاح وفرس جواد، وتعلم رماية وفروسية ليأجره الله على نيته، ويثيبه على حكم قصده وطويته، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ... (٦٠)} [سورة الأنفال: ٦٠]، وليتعلم ما يتعلق به من الأحكام من حسن النية والإخلاص وصدق العزيمة، لتكون كلمة الله هى العليا، ويشعر نفسه تصديق ما وعد الله به من نصر الإسلام وأهله، وخذلان الكفر وشيعته، ويعرف حرمة الفرار من الزحف وما أعد الله لمن مات شهيدا مقبلا، وما أعد الله لمن مات مدبرا ليكون على بصيرة فيما يأتى وما يذر".
"وهذا الجهل الواقع في قواعد الدين إنما هو من قلة العلم وعدم مخالطة العلماء وسؤالهم عن مسائل الشريعة المطهرة، فتجد أحدهم بصيرًا بأمور معاشه وبيعه وشرائه جاهلا بأمور دينه واعتقاده، غافلا عن معاده، لعدم اعتنائه بآخرته، وقلة نظره في أمور عاقبته، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد عم ذلك حتى صار المعروف منكرًا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وارتكبت العامة أمورًا قريبة من الكفر أو هى الكفر بعينها".
"فمنها فساد البيع والشراء والمعاملات وهو سلف الدراهم بالزيادة أو كراؤها بكذا في الشهر لكل مثقال وغير ذلك من أنواع الربا، وقد شدد الله في أمره وآذن المصرّ عليه بالحرب فقال سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... (٢٧٥)} [سورة البقرة: ٢٧٥].
وقال عليه السلام:"من نبت لحمه من سحت فالنار أولى به"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده".
"ومنها فساد الأنكحة والتساهل فيها من خطبة أحدهم على خطبة أخيه والدخول على المطلقة قبل تمام العدة وغير ذلك من المنكرات، وأشنعها وأبشعها ما