نصوصهم وكذلك الجزم ببقاء شئ من عينها بعد الإضافات الكثيرة والتجديدات الهائلة التي أنشأتها الهمة الإسماعيلية هناك، فهو مما لا سبيل إليه في هذه الأزمنة الحاضرة، وحسب الواقف هنا قبول هذا الخبر التاريخى من غير تطلب لمطابق له خارجا، وسنأتى بحول الله من تفاصيل تأسيسات الجد مولانا إسماعيل وهائل تخطيطاته في قصبته ما يزيح عنك البين، ويدفع عنك فيما سطرناه المين.
نعم جامع القصبة المذكور سيأتى لنا ترشيح أنه هو جامعها المرينى المأمور ببنائه معها، وإن كنا لا نجزم بأن البناء الموجود فيه الآن هو الأصلى وسننبه على ما عينه النص فيه أنه من الأعمال الإسماعيلية أو غيرها والله أعلم.
وأبو يوسف بانى القصبة المذكور، هو أمير المسلمين يعقوب بن الأمير أبى محمد عبد الحق الزناتى المرينى وهو سادس سلاطين الدولة المرينية لقبه القائم بأمر الله والمنصور بالله، مولده سنة تسع وستمائة، وبويع سنة ست وخمسين، وتوفى سنة خمس وثمانين وستمائة، فعمره خمس وسبعون سنة، ومدة ملكه تسعة وعشرون سنة وستة أشهر واثنان وعشرون يوما، كذا في "روضة النسرين".
وما ذكره في هذه ملكه يقتضى أن مبايعته كانت قبل فاتح عام ستة وخمسين بستة أشهر، وهو مخالف لما تقدم عنه من أنها سنة ست وخمسين فاعرفه.
صفته: أبيض اللون، تام القد، معتدل الجسم، حسن الوجه والصورة، واسع المنكبين، أشيب كأن لحيته قطعة ثلج من بياضها ونورها وإشراقها، وكان شجاعا حازما، من فضائله أنه لم تهزم له راية ولم يقصد عدوا قط إلا قهره، ولا جيشا إلا هزمه، ولا بلدًا إلا فتحها.
استرجع سَلاَ من يد الإصبان في ظرف أربعة عشر يوما من احتلالهم بها وذلك سنة ستمائة وثمان وخمسين، وانتصر عليهم الانتصارات الباهظة وغنم غنائم طائلة، وقد نقل بعد وفاته فدفن في روضة شالة من رباط الفتح.