بناء المدينة المذكورة وسكنى الأمير المذكور بها كان سنة أربع وسبعين وستمائة، انتهى.
فلم يصرح باليوم والشهر اللذين كان فيهما ذلك، فجاز أن يوافق ما صرح به ابن أبى زرع، وجار أن يخالفه وهو الظاهر، ويعضد ذلك ما في الحلل الموشية لابن الخطيب، وهذا لفظ ما في النسخة المطبوعة الآن منها، وفيها أى في سنة أربع وسبعين وستمائة ابتدئ بناء البلد الجديد بخارج مدينة فاس وهو المدينة البيضاء وتم في ذى الحجة سنة سبع وسبعين وستمائة، انتهى.
والظاهر صحة ما قاله ابن الخطيب، فإن العادة في البناء الكثير وخصوصا مدينة أن لا يتم إلا في أعوام، وسيمر بك أن مدة بناء سيدنا الجد المولى إسماعيل للقصر الكبير بمدينتنا مكناسة ثمانى سنين مع ما كان عليه من ضخامة الملك وشدة الحرص على البناء، مما لا يساويه فيه بل ولا يدانيه بانى فاس الجديد، وسيمر بك في كلام الزيانى وغيره شاهد ذلك، وفى كلامه زيادة على ما لابن خلدون بتعيين الشهر الذى وقع الفراغ من بناء فاس الجديد فيه وهو ذو الحجة، وفيه مخالفة أيضا لابن أبى زرع في وقت الشروع في قضبة مكناسة، فصريح كلام ابن أبى زرع أنه كان في شوال، ومقتضى ما لابن الخطيب أنه في ذى الحجة وهو الظاهر والله أعلم.
ثم هذه القصبة قصبة مكناسة المحدث عنها لم يتنازل أحد من المؤرخين فيما رأينا للتصريح بما يحقق تحديدها وتفاصيلها، غير أن الشواهد والقرائن التي تعطيها نصوصهم ترشد إلى أن موقعها كان فيما بين منتهى جامع القصبة المعروف بهذا الاسم قديما وحديثا وبجامع لآل عودة أيضا، وبين السور الواقع بإزائه الذى هو آخر القصبة الإسماعيلية المحيطة بالقصور الملوكية المعدة لسكنى العائلة الآن.
وأما تحقيق حدود القصبة المرينية في هذه المساحة التي أرشدت إليها قرائن