رئيس الكتاب، ثم انصرفوا للتأهب للسفر من الغد، وكان السلطان قد أعد لهم المحامل والخيام والبهائم لركوبهم وحمل أمتعتهم وأثقالهم اعتناء بأمرهم، فاخترقوا الأناضول والشام إلى دمشق فمكثوا بها ثمانية وثلاثين يوما، وخرجوا منها ليلة التاسع عشر من شوال.
وذهبوا على طريق معان والعقبة للمدينة المنورة فزاروا ومنها لمكة فنزلوا بظاهرها في سابع ذى الحجة وأقاموا بها بعد أداء المناسك إلى السابع والعشرين من ذى الحجة، فرجعوا مع الركب الشامى للمدينة فدمشق، وخرجوا منها في تاسع ربيع الأول إلى عكا فأنزلهم صاحبها أحمد باشا الجزار في أحسن حال، وأقاموا فيها تسعة أيام عينوا فيها المركب الذى يحملهم في البحر، وتركوه يستعد وذهبوا للقدس والخليل وفى السابع والعشرين من ربيع الثانى ركبوا البحر وأرست بهم السفينة بقبرص نحو العشرة أيام، ثم سارت بهم لتونس حيث أنزلهم أميرها وتقدموا للجزائر فالمغرب برا، وكان دخولهم لفاس آخر شعبان سنة ١٢٠٢.
ولما سمع المترجم بورود السفارة بعث إليها أن تخرج إليه، فكان اللقاء بمخيمه من وادى العطشان بين فاس ومكناس.
قال ابن عثمان: فتبركنا بحضرته، والتمتع برؤيته، وختمنا أعمالنا بمشاهدة أنوار طلعته، ولله الحمد، ثم تعاطينا معه أكرمه الله وأعزه أخبار الحرمين الشريفين والمشرق والشام والقسطنطينية وغيرها من البلدان التي رأيناها ومررنا بها. لخ.
وقد فصل ابن عثمان أخبار هذه الوجهة وبين مراحلها بالساعات في رحلته الثالثة المسماة بـ (إحرار المعلى والرقيب، في حج بيت الله الحرام وزيارة القدس الشريف والتبرك بقبر الحبيب) وكان جمعه لها بأمر المترجم له عند سفره حسبما أشار لذلك صدرها.