جمع من أسارى المسلمين بعثهم إليه عظيم الإصبنيول على سبيل الإهداء والإكرام لكونه لما عمل الصلح مع أهل الجزائر ووقع فداء الأسرى بينهما من الجانبين على ما تقتضيه قوانين الصلح امتنع أمير الجزائر من إعطاء المال في هؤلاء الأسارى كما فعل النصارى في إخوانهم، ولم يقبل أن يفديهم بالنصارى، بل قبض المال في أسارى الإصبنيول الذين عنده، ولم يرد بهم بدلا بأسير مسلم، وأهمل هؤلاء المسلمين وأبقاهم بأيدى الكافرين فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فلما سمع ذلك عظيم الإصبنيول اغتاظ من ذلك وأعطاه ما أراد من المال في النصارى إخوانه، وجمع هؤلاء الأسرى من المسلمين وبعثهم مجانا إلى سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على سبيل الإهداء والإكرام لما يعلم من حرصه أيده الله تعالى على إنقاذ المسلمين، وأن هدية الأسارى عنده لا يعادلها شئ من هدايا الدنيا وقد كان عند هذا الجنس من الأسارى الآلاف فأنفذهم جميعا لسيدنا أدام الله علاه، وأبقاه وتولاه، منذ عمل معه الصلح، وهو أيده الله في كل حين يخرج منهم حصة، فكان آخر من بقى من المسلمين بأيدى الأصبنيول هذه الجماعة.
ثم ذكر أن المترجم كلفه بإيصالهم إلى بلادهم ناظرا إليهم في ركوبهم وأكلهم وشربهم حتى يوصلهم لتلمسان ويدفعهم إلى عاملها ويفرق عليهم الصلة هناك عشرة مثاقيل لكل واحد، ففعل ما أمر به وتوجه بهم إلى تلمسان وقضى الغرض.
وقد ذكر ابن عثمان في الرحلة المذكورة أنه رحل لبلاد الأندلس عام ١١٩٣ كما أشار في رحلته البدر السافر إلى ذلك وإلى سابق معرفته بملكها كارلوس الثالث، وإلى وصفه لمدينة قادس في رحلته المسماة (بالإكسير، في فكاك الأسير) وغير ذلك مما يفيد أنه تولى السفارة للمترجم إلى إسبانيا وقد صرح بذلك أخيرا وذكر أنه عقد معها معاهدة صلح من شروطها عقد صلح مع ملك نابولى الذى هو