وبعث لهم طبيبا خاصا لملازمتهم، وبعد ستة أيام استدعاهم الوزير لمقابلته، فذهبوا إليه وأعطوه نسخة الكتاب ليترجمه.
ثم أعلمهم الأمير بوقت الاقتبال قبل زوال الغد، ومن الغد جاءتهم الخيل التي سترافقهم، وجاء بعدها صاحب ملاقاة مع السفراء مع الملك، فأخبرهم أن الملك مستعد للملاقاة وكذلك الملكة زوجه الألمانية الأصل في الانتظار بعد لقاء زوجها، وذلك وإن لم يكن عادة لكنها جعلتها فرحا وسرورا بالسفير ومرسله.
ثم ساروا في جمع حاشد للقصر الملوكى، وجعلوا كلما دخلوا قبة من قبابها وقف من فيها ونزع ما على رأسه إلى أن وصلوا قاعة الاقتبال، فاستأذن المرافق المذكور ثم أدخلهم إليها فوجدوا الملك واقفا والقاعة مملوءة بالوزراء وأرباب الدولة، فلما قابلوه أزال ما على رأسه مسلما فأشاروا إليه باليد ثم دنوا منه ففعل كذلك، وفعلوا هم كذلك حتى الثالثة.
فلما التقوا أخرج ابن عثمان الكتاب المولوى وقبله ودفعه إليه فتلقاه بكلتا يديه، ثم سأل ابن عثمان عن السلطان وذكر محبته فيه ورغبته في مخاطبته وقضاء مآربه وعقد الصلح معه كما فعل أبوه (ملك إسبانيا)، فأجابه ابن عثمان بأنه ملحوظ ومقدم عند السلطان، وعن الصلح بأنه لذلك الغرض كان قدومه لما طلب له ذلك والده عاما أولا لما كان عنده المجيب بإصبانية، فأجابه الملك بالكلام مع وزيره، ثم خرجوا من حضرته وهو واقف ودعوا لمقابلة الملكة فأدخلهم حاجبها عليها فوجدوها واقفة والقبة ممتلئة بنساء الأكابر والأعيان فسلمت عليهم بالانحدار، حتى كادت تجثى على ركبتيها على عادة نسائهم، فأشاروا لها باليد ثم فعلت ذلك ثلاثا مثل زوجها وفعلوا مثله، فلما دنوا منها رحبت بهم وذكرت طول انتظارهم ووعدت بالوقوف في الأمور الصعبة مع الملك، فشكروها على ذلك