وخرجوا مسلمين على الصفة المتقدمة، ثم امتطوا أكداشهم لمحلهم، فلما بلغوه أخذ الأعيان يفدون عليهم مهنئين بحسن اللقاء مع الملك.
ولما قرأ الملك الكتاب السلطانى وعلم ما اشتمل عليه من توجيه السفارة إليه بقصد عقد الصلح معه حيث طلب والده ذلك واشترطه في عقد الصلح الذى عقده معه ابن عثمان ثم فداء أسارى المسلمين الذين في بلده وتحت حكمه أجاب عن ذلك ببعث ثلاثين أسيرًا مسرحين على سبيل الهدية للسفارة إكراما لها قائلا: وأما فداء الأسارى المشار إليه فالأسارى الذين في إيالتنا كلهم من تونس والجزائر وطرابلس وغير ذلك من البلاد المشرقية، وليس بيننا وبينهم إلا الحرب، وكذلك إخواننا عندهم أسارى بأيديهم ولو لم يكن إخواننا الذين عندهم لسرحنا جميع من عندنا من المسلمين ابتغاء خاطر مولانا أمير المؤمنين ورضاه، وحيث كان إخواننا في الأسر نحبكم أن تسعوا في فداء الجميع، فشكرته السفارة على ذلك وكتبت للحضرة السلطانية بذلك.
وأما عقد الصلح فشرعت فيه مع الوزير حسبما تقدم من تقديم الملك له لذلك، واشترط كل جانب ما فيه مصلحته، ثم استنسخت تلك الشروط وأمضيت.
ثم تيسر للسفارة افتداء مائة أسير أعدوا للبيع فضمتهم إلى إخوانهم، وكذلك استرجعت ما وجد في أحد المراكب السلطانية كان السلطان قد بعثه لأمير طرابلس حاملا القمح بسبب المسغبة التي كانت في بلاده، فتلقته مراكب نابلية وأخذته، ومع أن ذلك كان زمن الحرب فقد تمكن ابن عثمان من إقناعهم برد ما وجد فيه.
وقد رأت السفارة أثناء إقامتها بنابل بعض الأبناك ومأوى الأيتام ودار الآثار ونادى الأعيان بدعوة من أهله، والبركان القاذف للنيران، وآثار مدينة بومبى، ولما