وأعيان البلد، فقرأنا هنالك ما تيسر من القرآن ودعونا لسيدنا بما نرجوا من الله قبوله.
وبعث سيدنا الطعام للأسارى، فأكلوا، وأمرنا بإنزالهم بدور أعدها بالمدينة وأمرنا أن نستريح ونطلع لملاقاته عند العصر، فلما صلينا العصر توجهنا إلى بابه، ورحب جنابه، وأصحبنا إليه الهدية التي أصحبنا إليه الطاغية صاحب نابل فوجدناه داخل باب السوانى ففرح بنا وانشرح لقدومنا ودعا لنا بخير، تقبل الله منه.
ثم ناولناه كتاب الطاغية مع عقد الصلح الذى أبرمنا ووقع عليه الاتفاق، وهدية الطاغية التي بعثها من الخوف والاشفاق، وناولناه أيضا أزمة ما دفع في الفداء وخطوط أيدى النصارى المفدى منهم مع قيمة المركب الذى غرموا وقد تقدم خبره.
ومن الغد أطلعنا إليه أسرى المسلمين وهو بالدار البيضاء، فسألهم عن قبائلهم وعشائرهم وعن مدة أسرهم، أطال معهم الكلام جبرا لخاطرهم، وقال لهم: الحمد لله الذى عجل سراحكم، وكمل بجمع شملكم مع المسلمين أفراحكم.
ثم هيأ لهم البهائم لحملهم إلى فاس في الحين، وتوجهوا من عنده أيده الله فرحين، وارتفعت بالدعاء لسيدنا أيده الله الأصوات، حتى كادت أن تسمع الأموات، وكتب لعامل فاس أن يحسن للقوم القرى ويفيض عليهم من مطايب ما يشترى، ويزيل عنهم درن الأسر، ومذلة القهر والقسر، ثم يكترى لهم البهائم إلى الجزائر، ومنها يتفرقون في البلاد كالمثل السائر.
قال المولى عبد السلام نجل المترجم في درة السلوك في مآثر أبيه: ومنها أنه لم يترك ببلاد النصارى أسيرا، ولا بالمغرب فقيرا، بفيض أياديه العظام، ومكارمه