البحر مضطربا فبقى هناك خمسة أيام اضطر بعدها للرجوع إلى صقلية مرة أخرى فتلقاهم أهلها، وأخبروهم أن الدار التي كانوا بها لا زالت بصددهم فنزلوا إليها، وكانت الليلة ليلة ميلاد الملك فاستدعيت السفارة لحضور الاحتفال الليلى بذلك كما دعيت لنادى أعيان المدينة، وفيه طلب بعضهم من ابن عثمان أن يلعب معه بالشطرنج فأجابه بعد إلحاح وغلبه فيه على مشهد من القوم، ورأت السفارة في أثناء مقامها كنيسة (سان مرتيل) وأدخلوا خزانتها فوجدوا فيها عدة من كتب المسلمين كسيرة ابن سيد الناس وبعض كتب الطب، كما زاروا غيرها من المعاهد والمدارس، وبعد إقامتهم بها ثلاثة أشهر وثلاثة أيام في انتظار سكون البحر، ركبوا سفينتهم في سادس عشر ربيع الثانى راجعين للمغرب، فوصلوا طنجة بعد اثنى عشر يوما، ونزلت السفارة في احتفال بحضور الحاكم ووجوه العسكر للمدينة، كما تلقى الأسارى بسرور وحبور وأنزلوا بديار بالمدينة بقصد الإرفاق على النفقة السلطانية، ووجه الكتاب للحضرة السلطانية بالإعلام بالوصول، وأقاموا بطنجة إلى أن ورد عليهم الجواب الشريف بالتهنئة بالسلامة وإعداد البهائم لحمل الأسارى وأمرهم بالقدوم عليه.
قال ابن عثمان: فتوجهنا إليه أيده الله وهو بحضرة مكناسة، فبتنا آخر ليلة من السفر بوادى فرى بقرب المدينة بنحو ساعتين، ومن الغد بعث مولانا أعزه الله عساكر الخليل لملاقاتنا ووجوه العسكر والقواد، ومن حضر من العمال وبالغ في التنويه والفرح بهؤلاء المسلمين جعل الله ذلك بمنه من خالص الأعمال، وبلغه من حسن نيته، وصفاء سريرته وطويته جميع الآمال، ومن هناك والخيل تلعب وتخرج البارود إلى أن دخلنا المدينة فبعث إلينا سيدنا أيده الله أحدا من خدامه بأن ندخل الأسارى المذكورين إلى ضريح جده المقدس المنعم المرحوم سيدنا إسماعيل برد الله ضريحه، وأسكنه من الجنان فسيحه، وأحضر لذلك الفقهاء والأشراف والطلبة