للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدمنا لك، وكل ذلك بحجج وقف عليها نائب جنسهما بثغر الصويرة وسلمها غير أنه حكم عليهما بعقوبة لا تفى ببعض فعلهما، وللبحث فيها مجال، فلذا لم تقبل لأنها لو قبلت وعلم الناس قبولها لتشوف بعض من لا خلاق له بهذه الإِيالة السعيدة لأن يفعل مثل ذلك بتاجر من تجار الأجناس، وتهون عليه العقوبة المذكورة، فسد الذرائع متعين.

وقول الباشدور، إن التعليق لم يكن من العنق وإنما كان ربطا من الوسط هو على كل حال تعليق في الهواء ورفع على الأرض، سواء كان من العنق أو غيره وأمره شنيع، وفعله هائل فظيع لا صبر لليهودى على ما هو أدنى منه، فكيف به ولو عاين الباشادور هرجهم ومرجهم وارتفاع أصواتهم في حارتهم وقت تعليق اليهودى، حتى إنه ربما تسقط حواملهم ما استسهل الأمر وإنما يستسهل الأمر من اعتاده وفيه استخفاف وافتيات حتى بالدولة، لأن المعلوم بالتعليق والشنق هو المخزن.

وكل من سمع هذا الفعل من الدول والأجناس يمجه ويستقبحه، وربما عيبوا حتى على من سكت عنه، وأما ما يدعيان به على العامل الأكراوى فإن أثبتاه بحجج مسلمة فنحن أولى بالانصاف ولا يسعنا إهمال حقهما، كان لم يكن عندهما إلا مجرد القول فغير خاف أن الدعوى المجردة عن الحجة لا توجب لصاحبها شيئا شرعا وطبعا، ولو كان كل من ادعى بشئ ولا حجة له يمكن منه لضاعت الحقوق، وتسارع لأموال الناس أهل الفجور والفسوق، ولم يبق لأحد بما في يده وثوق، فالشرع والطبع متطابقان على أن الدعوى المجردة عن الحجة غير ملتفت إليها، وحتى لو رفع التاجران أو الباشادور القضية للدولة، فهذه الدولة الفرنصيصية بمكان من العقل والعدل في الحكم، فإن بلغتها القضية على تحقيقها فكيف تسامح التاجرين في قبيح فعلهما أو تطلب ما ليس من حقهما ولا حجة لهما عليه والله يعينك والسلام في ١٢ من ذى الحجة عام ١٢٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>