ولا شك أنه تعالى يخلف لهم ما يبذلونه، وينيلهم بإيثارهم وحسن قصدهم كل ما يأملونه، ولم نحد لهم في ذلك حدا لأن المراد أن يعطى كل واحد على قدر حاله من غير إدخال حرج عليهم في ذلك ولا مشقة ومن كان في خدمة، وظهر عليه أثر النعمة، فهو أولى بالصبر والقيام، وإظهار شكر المنعم سبحانه على الإنعام، والسلام في ٢٥ شعبان الأبرك عام ١٢٧٧".
ونص ما خاطب به أهل فاس:
"الحمد لله الذى لا يضيع عمل عامل، ولا يخيب في فضله العميم أمل آمل، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد أصدق قائل، وقائد الخلق إلى ما فيه السعادة الأبدية في عاجل وآجل، وملجئهم المنيع الذى يأوون إليه عند كل أمر هائل، وعلى آله وصحبه، وعترته وحزبه.
أبناء عمنا الشرفاء، وخدامنا أهل فاس أخص منهم العلماء، والأعيان والعرفاء، أنجح الله في مرضاته أعمالكم، وبلغكم من فضله آمالكم، وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ومرضاته وتحياته.
أما بعد: فغير خاف عليكم أن الكافر جنح لمسلم المسلمين بسبب جهادهم، وتقلصت أطماعه بامتداد ظلال إمدادهم، فسالمناه، عملا بقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ........ (٦١)} [الأنفال: ٦١]، وللصلح فصالحناه، عملا بما نص عليه الأئمة، ومصابيح الأمة، من جواز الصلح لمصلحة وإن عن مال ريثما يستعد المسلمون ويرجعون لأحسن أحوالهم، ويسفر الحزم والعزم عن وجه جمالهم، ارتكابا لأخف الضرين، وأخذا بأيسر الأمرين.
وما برحنا من يومئذ مخالف الأسا، ونتدارس في جمل أمور الكافر باب لعل وعسى، فتارة نستفتح وجوه الصبر وهى جميلة، ونتعلل بما نرجوه من النصر