هذا وفى أثناء ما تقدم ورد أبو زيد عبد الرحمن بن المولى أبى الربيع السلطان السابق سليمان من سجلماسة يريد الوثوب على الملك الذى كان لأبيه باستدعاء بعض أمراء البيت الملوكى بفاس ومكناس وبعض رؤساء الجيش البخارى وايت أدراسن له، ولما وصل لفاس هم بحصارها ولكنه لم يظفر بشئ بوقوف الوزير الصدر أبى عبد الله محمد العربي الجامعى -وكان يومئذ على شراقة- في وجهه برجال قبيله وأحلافهم من شراكة وغيرهم، فصدوه حتى رجع على عقبه رغما على من أجلب بهم من البربر أهل فازار الذين واعدوه النصرة والإعانة على شانه، وبقى يتردد بنواحى جبل العياشى إلى أن اضمحل أمره، وقد عثرت له على رسائل كان يبعثها لبعض كبار الدولة يدعوهم فيها للدخول في حزبه، والانضمام إلى سربه، فمن ذلك ما كتبه للوزير أبى عبد الله الصفار يدعوه لإقامة بيعته وقد ختم الكتاب بطابعه من أعلى، وألحق به إلحاقا بخطه من أسفل ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع بداخله "عبد الرحمن بن سليمان غفر الله له":
"محبنا الفقيه السيد محمد الصفار السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فاعلم أننا سمعنا ما وقع بين محروسة فاس ومكناسة من النهب وأكل العزائب وسبى الأموال وشن الغارات وغير ذلك من الأمور العظام، فعلمنا أن ذلك يستحيل وقوعه بوجود الأمير، فتعين علينا القدوم لندرى ما سبب ذلك قبل تفاقم الواقع، واتساع الخرق على الراقع، ولما لم يتحقق فوته وجهنا ولدنا مولاى الكبير (١) أصلحه الله للفحص عن الأمور بتلك النواحى، ولم نكاتبك معه
(١) في هامش المطبوع: "اسمه سليمان وقد جرت العادة أخيرا في العائلة المالكة أن من كان اسمه من البيت السليمانى سليمان لا يقولون له إلا مولاى الكبير وفى البيت الهشامى لا يخاطبون من اسمه عبد الرحمن إلا بسيدى الكبير ومن اسمه محمد يطلقون عليه سمى سيدى ومن اسمه حسن يقولون له سمى سيدى سيدى حسن تعظيمًا وإجلال وإكبارا ومن ثم يشكل على من لا معرفة له بهذا الاصطلاح مخاطبة بعض الناس لى بعبد الرحمن والبعض بالكبير هـ. مؤلف.".