وكان في أول أمره خامل الذكر معتزلا عن الناس فولاه السلطان المولى الرشيد بن الشريف الحسنى بإشارة من العلامة الأستاذ سيدى عبد الرحمن بن القاضى المكناسى قضاء فاس الإدريسية، بعد أن عزل حمدون المزوار على ما في الدر المنتخب، وذلك آخر جمادى الأولى عام تسعة بمثناة وسبعين بموحدة، وخطبة جامع القرويين بها في ثانى وعشرى رجب عام أربعة وثمانين وألف، فجمع بين قضاء فاس وخطبة مسجدها الأعظم.
والذى في نشر المثانى أن تولية المترجم كانت بعد عزل سيدى محمد البوعنانى (١) فالله أعلم بالحقيقة.
قال في الدر المنتخب: إن مولانا الرشيد لما دخل فاسا سأل أهلها عن أفضل علمائها وأسنهم، فقيل له: سيدى عبد الرحمن بن القاضى، فاستدعاه للقدوم عليه فأجابه بأنه لا قدرة له على القدوم عليه لكبر سنه وملازمته بيته، فقال للرسول: إنى آتيه ويخرج بمحل قريب من بيته ألتقى معه به، فخرج لعرصة درب الدرج التي حائطها موال لمصمودة، ولما ورد السلطان فتحوا له نقبا في جوار العرصة دخل على الشيخ منه واجتمع معه، وبعد التماس بركته والفراغ من سنة السلام، قال له: أتيتك لأستشيرك فيمن أوليه بفاس من حاكم وقاض ومحتسب وناظر؟ فقال له: أما الحاكم فلا أتقلده، والقاضى حمدون المزوار، والمحتسب عبد العزيز الفركلى الفيلالى، والناظر العدل مسعود الشامى.
ولما خرج من عنده أمر أن يبني بالمحل الذى دخل منه باب ويبقى طريقا، فهو الآن درب الدرج لم يكن قبله، ولما بلغ دار الإمارة نفذ القضاء لحمدون المزوار، والحسبة للفركلى الفيلالى، والنظر في الأوقاف للعدل مسعود الشامى فامتنع منها وسجن عليها سبعة أشهر، ولما ضاق عليه الأمر أجاب على شرط أن