قال تلميذه أبو القاسم بن درة من أجل ما شاهدناه منها -يعنى كراماته- أن بعض الناس كان يحب أن يرومه بشئ يكرهه، فمهما أراد منه ذلك يعطيه الله ما يشغله عنه فيكف عنه إذايته، وقصده بذلك مرارا فلم يظفر به، ونجاه الله منه حتى لقى ربه. قال: ومن أعظم ما رأيت من مكاشفاته أنى جئته يوما فوجدته بداره التي بقرب الجامع من زقاق القرمونى، فقال لى: يا قاسم، ووجهه عبوس، ونظر إلى نظر مغضب، اترك أو فارق عنك كذا وكنت والله مصرا على ما نهانى عنه، فأظهرت له التجلد وتعللت له بعلل فصفح عنى ودعا لي بالهداية، وكان رحمه الله راضيا عنى ودعا لى عند موته بخير فما على إلا فضله وبركته.
سمع السلطان الأعظم مولانا إسماعيل بحسن صوته وجودة تلاوته فأمر بإحضاره ليلة سابع عشرى رمضان، فأم به تلك الليلة وختم القرآن برواية ابن كثير يكبر ويهلل عند ختم كل سورة من آخر والضحى إلى آخر والناس، وأدرج القراءة إلى المفلحون فخلع عليه السلطان دائرة سنية كانت عليه وطلب منه صالح الدعاء انتهى.
وقد حظى المترجم من لدن جناب مولانا الجد السلطان المذكور بإجلال ورعاية وتبجيل، ووصفه بأوصاف عالية في ظهيره الشريف المطاع الأوامر الذى أصدره بالتنويه بقدر بيت المترجم، ونشر ما لسلفه من المجد المؤثل، والحض على إنزالهم منزلتهم، ومقابلتهم بكل تكرمة وإعظام، والتعريف بما له ولسلفه وبنى عمه من الحظوة لديه، والاعتبار والإكبار، وإليك نصه بعد الحمدلة والصلاة:
"عن أمر عبد الله المتوكل على الله، أمير المؤمنين، المجاهد في سبيل رب العالمين، إسماعيل ابن الشريف الحسنى أيد الله أمره، وأعز نصره وخلد في صحف المجد والحمد ذكره، وأشرق في الصالحات شمسه وبدره، يستقر كتابنا هذا أسماه الله بيد حملته أولاد ولى الله تعالى العارف بربه الصالح سيدي بصرى نفع