نثره: من ذلك ما كتب به لوزير والده اليحمدى الطائر الصيت وقد بلغه أنه بالغ في الثناء عليه لوالده وفند أقاويل وشاته، لفظه: حيا الله تعالى بمنه مقام ركن الدولة الإسماعيلية وسميرها، ومنتقى هاتيك الحضرة السامية ووزيرها، مطلع أنوارها، ومعدن أسرارها. فوالله ما اجتبى لتلك المثابة العالية العلوية حتى كان لها أهلا، وما قرر بذلك البساط المؤيد بالله جهلا، فكم عجمت قبله من عود، فألقته وأبت إليه أن تعود، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، صاحب القلم العالى والقدم الذى رسخت أنامله على هام المعالى، أبى العباس اليحمدى هذا ولا زائد سوى تأكيد ود صفا مشربه، وطاب أعذبه، وعهد برز الصفاء ميثاقه، وشد بحبل الوفاء وثاقه، لا يبلى منه الجديد، ولا يتألم منه الوريد، وإعلامك بأن بعض محبيك كاتبنا بجميع ما قلته فينا، وما صدر منك إلينا من الصنائع والإحسان، فقد أحسنت أبا العباس ولم يتقدم لك منا إحسان، وقمت في نصرتنا مقاما لم يقم معك فيه إنسان، فلا أنسى لك يوم الفقهاء تنويهك بقدرنا، وإعظامك لأمرنا، ومن قبل كنا بحقك جاهلين وعن قدرك ذاهلين.
والآن تبين الحق، وحصحص الصدق، واتضح الصارم من الحسام، والصيب من الجهام، فكم لنا هنالك من خالص وده، ومحفوظ عهده، فما قام أحد منهم مقامك، ولا أرشق سهامك، ولا دافع دفاعك، ولا نازع نزاعك، فسترى إن وسع الله علينا نتيجة تلك المقالات، وثمرة تلك المدافعات، فوالله ما نطلب التوسعة إلا لمكافأة أمثالك، ومجازات أشكالك، فدم على ذلك أدام الله سيادتك، وأبقى بمنه مجادتك، وأبقاك لنا في ذلك المحل ركنا نستند إليه، وعمادا نعتمد عليه. والسلام وفى الخامس والعشرين من شعبان المبارك سنة خمسة ومائة وألف، محمد ابن أمير المؤمنين إسماعيل بن الشريف لطف الله به.