للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السير إليها حتى لجا، وقد سنى الله لنا زمنا امتن فيه بالمنة التي يجب شكرها أبدا، ويستمر على مر الزمان وحقائب المدى، أن تيسر لى ما جنح إليه البال، وسنح بحسب الحال منه المئال، الذي بحضرة شيخنا الذى افتقرت الكواكب في موضع معرفتها إليه، وتنورت منيراتها قبس يديه، فأصبحت تطيب منه النفوس، وقيل أن لا عطر بعد عروس، فهو محتد الفضائل والهدى، وَمَعَشُّ الاهتدا (١) يبدر وإن بدا. الهمام المتفنن، والجهبذ المتقن، العلامة الدراكة البركة المشارك الفهامة النحرير، أبى عبد الله سيدى محمد بن الإمام الأكبر، العلامة الأشهر، شيخ المعقول والمنقول، الذى له اليد الطولى في الفروع والأصول، أعجوبة الدهر، ونادرة العصر، أبى زيد سيدى عبد الرحمن نجل الشيخ الإمام، القدوة العارف الهمام، شيخ الجماعة أبى محمد سيدى عبد القادر بن على الفاسى خلد الله مناقب آبائه الحميدة، وأدار فلكه في سمائه السعيدة، فهو الجامع لما تفرق من مهم المهم، والمفرق لما تجمع من أباطيل الجهل الملم، فلله دره جمعا للعلم والفضائل، وتفريقا للجهل ومنكرات الأباطل.

فكم خصلة افترقت في غيره فجمعت عنده، وكم فضلة افتضلها رشحت واردها لما يكفى عن عدة، فمن ثمالته منهل المعاصر، ومن ذبالته ينبلج سنا العلم في المفاكر والمناظر، فإذا شرقت علينا بمشارقه العجيبة، ومفارقه الغريبة الرحيبة، كانت قراءته بغية الطلاب للإمام العلامة أبى عبد الله الحباك أروى فيها بمنهله المدرار وبمناجاته السقرطية ومفاكهته العبقرية يروق المنصف النحرير، ويعنى بها الألهوب (٢) والسفسير، بجمع من الشروح، وزيادة وضوح فوضوح، ثم كتاب السيارة، فما آربه أحباره، ورسالتى الربع المجيب والكامل، إلى غير ذلك من المسائل، مما تناولته حين الاقراء إلى هلم جرا.


(١) في هامش المطبوع: "بياض بالأصل".
(٢) الألهوب: اجتهاد الفرس في عدوه حتى يثير الغبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>