محاضر مستحضر، متفنن نقاد، متبحر نحرير، متضلع ماهر، كامل المشاركة، كبير الإشراف على الفروع والأصول، والتبحر في المنقول والمعقول، والعارضة الطويلة في الاطلاع والحفظ والفهم الصائب والإتقان الوافر، مع المعرفة بالله والورع التام والاعتناء بالتقييد والمطالعة والإقبال على ما يقربه إلى الله زلفى.
نشأ بمدشر ازجن من قبيلة سمانة، وهنالك قرأ القرآن العظيم، ثمَّ رحل في طلب العلم بالقصر الكبير ثمَّ بتازروت العلمية زاوية الشرفاء أولاد ابن ريسون، ثمَّ لتطوان، ثمَّ لفاس وجد واجتهد حتى حصل في المعلومات الضافية غاية المراد.
شهد له بالإمامة في سائر الفنون جلة أعلام وقته مشايخه وغيرهم، وحصل له ظهور وشفوف مكانة عند عظماء وقته، وخضعت له أعناق الرؤساء والمرءوسين، وتصدر للإفتاء والإفادة بمرأى من مشايخه ومسمع، بل ربما قدموه للجواب عما ورد عليهم من الأسئلة وما يعرض لهم من النوازل المهمة، والعويصات المدلهمة، فيجيب بما يثلج الصدور، ويذهب ضنا المصدور.
قال تلميذه سيدي محمَّد فتحا الرهونى: ولقد رأيت شيخه التاودى يسأل عن المسائل بحضرته فيكل الجواب إليه فيجيب على البديهة أحسن جواب، ولقد قدم الشيخ التاودى مرة تطوان وأنا بها فحضرت معه ليلة في دار بعض شيوخنا ومعه شيخنا الجنوى -يعني المترجم - وجماعة من الفقهاء فقال التاودى: سألنى بعض الناس وأنا راجع من المشرق عن آية كذا سماها إذ ذاك ونسيتها الآن فلم أدر ما أقول له فهل على بالكم شيء؟ فأجابه شيخنا الجنوى على البديهة بأن قال له: فيها ثلاثة أقوال للمفسرين المشهور منها كذا كما في ابن جزى، فطلب التاودى ابن جزى فأحضر في الحين فنظروه فوجدوا الأمر كما قال، وهكذا كان دأبه -رضي الله عنه - علمه معه أين ما كان.