لم أنس يوما ما قام يكشف عامدا ... عن ساقه كاللؤلو البراق
لا تعجب إن قامت لذاك قيامتى ... إن القيامة يوم كشف الساق
وإنى لما حضرت ذلك المجلس الأبهر، وأظهر فيه الساقى من شمائله ما أظهر، إنما تاه فكرى في لطف مناولته، ووصف مطالعته لرضاك ومحاولته، فغبت بذلك عن ملاحظة الساق المشمر عنه، بل وعن الساعد الذى كان أقرب إلى منه، نعم أتهم لك نفسى بنظرة أولى لمحياه، وكان القلب بها حياه، لكن قلت في الحين على الشذوذ إياى وإياه، فلعل السيد لنفسه هياه، والنظرة الأولى كما علمت معفو عنها، وإذا سمح قدرك العالى بالمداعبة معنا فهذا منها، والسلام.
وقوله مجيبا صديقه الحميم المذكور، عن رسالة تزرى بقلائد النحور: سيدي أدام الله لك السعادة، ولا قطع عنك من الإنعام ومديد الإكرام كما لم تقطع عادة، أن هذه النفوس كما جاء تصدى كما يصدى الحديد فتتأكد لذلك صقالتها التي هى لنورها كالتجديد، وأن مما اتفق عليه رؤساء الحكما، وأطبق عليه نجباء العلما، أنَّه لابد لها من رياضة، إذ التدريج حكمة هذا العالم وإن كانت القدرة فياضة، وصاحب القصر يهوى قبابه، وتارة رياضه، ويستحسن من أزهاره المختلفة ما خالطت حمرته بياضه.
ولذا قيل:
لا يصلح النفس إذ كانت مدبرة ... إلا التنقل من حال إلى حال
وكما قيل أيضاً:
تنقل فلذات الهوى في التنقل ... ورد كل صاف لا تقف حول منهل
وفى المعنى:
أفد طبعك المكدود بالجد ساعة ... يريح وعلله بشئ من المزح