ثم رحل للحج مقلدا التكاليف المولوية في سفارة ثالثة للدولة العثمانية وذلك سنة ١٢٠٠، وكانت مبارحته رباط الفتح -حيث كان حلول الركاب الشريف ثم -مهل المحرم فاتح السنة المذكورة ودخل القسطنطينية العظمى ودمشق الشام والقدس الشريف وزار الخليل ودخل الجزائر وتونس وتلمسان، ولقى أعلام تلك البلاد، واستفاد وأفاد، ثم آب لمسقط رأسه، ومحل أُنسه، مكناسة الزيتون، حيث له الأهل والإخوان والبنون، ضحوة يوم الثلاثاء لست بقين من شوال عام اثنين ومائتين وألف وكتب في ذلك رحلة أُخرى، وقد أسلفنا شرح ما وقع له في هاتين السفارتين ملخصا من رحلتيه فيهما في فصول العلائق السياسية من الترجمة المحمدية.
ثم عثرت بعد ذلك على كلام بعض المؤرخين من الإفرنج يدل على أنه تولى السفارة أيضًا للسلطان المذكور إلى إمبراطور النمسا، وأنه تولى السفارة من بعده لولده مولاى اليزيد إلى دولة الإصبان، فقد ذكر "أكرابير دى همسو" في صحيفة ٢٣٤ من كتابه الموضوع باللغة الإيطالية المسمى (بالمظهر الجغرافى والتاريخى للمغرب) المطبوع بجنيف سنة ١٧٣٤: أن ابن عثمان توجه سفيراً لنابولى ثم سار منها سنة ١٧٨٣ إلى فينَّا عاصمة النمسا من قبل السلطان لعقد معاهدة سلمية تجارية بين الدولتين، وكان إمبراطور النمسا يومئذ: جوزيف الثاني.
وقد تكلم على هذه السفارة أيضًا القنصل شينى في كتابه المذكور وطوماسى في صحيفة ٣٠٥ من كتابه: المغرب وقوافله أو علائق فرنسا مع المغرب، المطبوع بباريس سنة ١٧٤٥ إلا أنهما لم يتعرضا لاسم السفير الذي هو ابن عثمان صاحب الترجمة.
وقال همسو المذكور في صحيفة ٣٦ من كتابه: مختصر الأدب التاريخى في المغرب، وهو جزء صغير تعرض فيه لذكر من ألف في المغرب من سائر الدول طبع بليون سنة ١٨٢٠: أن عثمان كان وزيرا صدرا عند السلطان سيدي محمد بن