والاقتدار التام على الخوض في عباب الفقه المالكي، ومعرفة أسرار منطوقه ومفهومه، وتفوقه على كثير ممن تقدمه وعاصره، وكان سريع الدمعة دائم الخشية والذكر والتهجد بالأسحار، محبا للصالحين منحاشا لأهل الفضل والخصوصية من المتقين لا تأخذه في الله لومة لائم، وبذلك نما حاله وتم أمره وأثمر غرسه.
وكان أكثر مقامه بوزان، وقد خطب بها بمولاى سلامة بن محمد بن عبد الله بن مولانا إسماعيل أول جمعة عندما بويع له بها وذلك يوم الجمعة متم رجب الفرد الحرام عام ستة ومائتين وألف، وكان المتولى حمل راية بيعته سيدي على بن أحمد بن الطيب الوزانى المتوفى يوم الثلاثاء تاسع ربيع الأول عام ستة وعشرين ومائتين وألف، وأعانه على ذلك جماعة أبناء عمه وسيدى على بن ريسون، ودامت دولة المولى سلامة بوزان شهرين، أفاض فيها الأموال الطائلة والملابس الفاخرة على أهل وزان، ثم خلع نفسه وخرج فارا من وزان ناجيا بنفسه ليلة السبت تاسع عشرى شعبان عام ستة ومائتين وألف على ما في تاريخ الضعيف، ويأتى إيضاح ذلك بحول الله وقوته في ترجمته وفي القسم الدولى.
ثم إن المترجم قد استوطن مكناسة مدة، وكان محل استقراره بها بمدرسة الخضارين كما يشير إليه ما يأتى عنه، وذلك مدة نقل شيخه الجنوى إليها.
ومن فوائد المترجم في حاشيته على الزرقانى وبنانى ما قاله في قول المتن في باب قصر الصلاة ولا تنقل بينهما ولم يمنعه ولا بعدهما ونصه، انظر هل يدخل في النقل بعده أي بعد الجمع ليلة المطر سجود التلاوة، كما إذا قرئ الحزب على الوجه المعتاد بعد الجمع بالمسجد، وقد وقعت هذه المسألة بمكناسة الزيتون زمن قراءتى فيها على شيخنا الجنوى بمدرسة الخضارين، فمن الطلبة من ترك السجود، ومنهم من سجد، ثم تنازعوا بعد الفراغ في ذلك، ثم تكلموا أو بعضهم معى في ذلك فقلت لهم: ترك السجود أولى، فلما أصبحنا سألت شيخنا الجنوى، فقال: