السجود أولى فقلت له: لم؟ فقال: لأنه أرفع رتبة من مطلق النوافل، بدليل أنه يسجد بعد الصبح قبل الإسفار وبعد العصر قبل الاصفرار، فقلت له: ولم لا يسجد بعد الإسفار والاصفرار؟ فقال: لأن الكراهة إذ ذاك أشد، فقلت له: فإذا لم يفعل ذلك لشدة الكراهة فهنا أحرى لمنع النفل بعد الجمع، فقال لي: من قال بالمنع؟ فقلت له: المواق نقلا عن عرفة والزرقانى، فأمر طيب الله ثراه بإحضارهما فأحضرا، فوجد الأمر كما قلت فَسكَتَ فسكت فانفصل الأمر على ذلك، ولم أزل بعد أبحث على النص في ذلك البحث الشديد، وأطلبه الطلب الأكيد، إلى وقتنا هذا فلم أجد من تعرض لذلك أصلا، والظاهر عندي أنه لا يفعل لما ذكرته، ولأن القول بأن سجود التلاوة كمطلق النفل لا يفعل بعد الصبح ولا بعد العصر قوى. هـ وقد تابعه مختصره فيما استظهره والله اعلم
مشيخته: أخذ عن الشيخ التاودى ابن سودة المرى المتوفى يوم الخميس تاسع عشرى حجة عام تسعة ومائتين وألف عند صلاة العصر ودفن من غده بعد الظهر، سمع عليه موطأ الإمام مالك بقراءته عليه، وصحيح الإمام البخاري بعضه بقراءته وجله بقراءة غيره عليه وهو يسمع، وسمع منه مواضع من التفسير وشيئا من صحيح الإمام مسلم، وشيئا من لامية الأفعال لجمال الدين بن مالك في التصريف، وذاكره في عدة مسائل فقهية وأجازه عامة.
وأخذ عن الشريف أبى عبد الله محمد بن الحسن الجنوى المترجم قبل، وهو عمدته وعليه معوله لازمه في الحضر والسفر، ومن ذلك ملازمته له بمكناس لما أسكنه السلطان بها بقصد بث العلم ونشره فيها كما تقدم، قرأ عليه التفسير إلى سورة الرعد، وصحيحى البخاري ومسلم بقراءته عليه، والأربعين النووية، ومختصر الشيخ خليل غير ما مرة قراءة تحقيق وتدقيق، ورسالة ابن أبي زيد القيروانى، والمرشد المعين لابن عاشر، والتحفة لابن عاصم، إلا أنه لم يختمها