وأعذبه هو العذاب فلا تقل ... مذاق الهوى عذب فكم فيه من مر
ففيما مضى كان الحسان إذا رأوا ... عفيفا أنالوه الأمان من المكر
ورقوا له ثم انتحوا لوداده ... ومالوا إليه ميل من شاق للبر
فدام عليهم رونق الحسن والبها ... ونال الَّذي يهواهم الفوز بالبشر
لذاك رأيت العاشقين تميلوا ... بمدح شمائل المحسن في الشعر
ولو عاينوا ما شمته اليوم لم تجد ... أديبا أتى إلا بهجو بلا نكر
فكنت غبيا بالزمان وأهله ... وهمت بأنسى سنين من الدهر
وصرت على حكم الغرام علامة ... سميعا مطيعا صنته في دجا فكر
وقوله:
عبث النسيم بقده فتأودا ... وسرى الحياء بخده فتوردا
رشأ تفرد فيه قلبى بالهوى ... لما غدا بجماله متفردا
قمر هدى أهل الضلال بوجهه ... وأضل بالفرع الأثيث من اهتدى
مغرى بإخلاف المواعد في الهوى ... يا ليته جعل القطيعة موعدا
سلبت محاسنه العقول بناظر ... يصدى القلوب وباسمه يروى الصدا
يا صاحى الأعطاف من سكر الطلا ... ما بال طرفك لا يزال معربدا
قاسوك بالغصن الرطيب جهالة ... تالله قد ظلم المشبه واعتدى
حسن الغصون إذا اكتست أوراقها ... ونراك أحسن ما تكون مجردا
إن كنت محبوبا فقلبى حاجب ... لك فاطمئن النوم لا تخش الردى