المبعوث ببيان السبيل الموصلة في الدنيا والآخرة لنيل كل مرغوب، صلى الله عليه وعلى آله سفينة النجاة والأمن والأمان، وصحابته الجلة الكمل المقتدى بهم في تحقيق إخلاص الطاعات وبمحبتهم الكاملة زيادة الإيمان, صلاة وسلاما نخوض بهما بحار المعرفة، ونتحلى في الدنيا والآخرة بأحسن حلة مرضية في الدين وأفضل صفة.
أما بعد فالله أكبر ولا أكبر سواه، فسبحان من صور الخلق كيف شاء فأحسن خلقه وعدله وسواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الذي جعل الأسفار مطايا الرسائل، وممكن نيل الوسائل، ومجرى مجار الفواضل والفضائل، بتوالى الغدايا والأصائل، ومظهر ما تقر به العين وتنشرح به الصدور. من أسرار نتائج الأرواح أصحاب الصدق والمحبة الواصلة الموصلة لنيل الحبور، لما تضمنت أضلاعهم وانطوت عليه من خالص البر وصادق البرور، خصوصا من طاب أصله وفضله، وقد شب حسن خلقه وكرم فعله، حائز قصب السبق في مضمار الأدب والحياء والمروءة والعفة والسماحة، من أصوله الطيبة ومعدنه المتأصل في كمال الذكاء والرجاحة، حافظ زمام اللسن، الشريف الحيي التقى النقى الملقب بالاسم الحسن، فقد أجادت قريحته اللطيفة في رسالتها كل الإجادة، وبنات شفته نثرت على الأسماع جواهر المعانى وأفادت أكمل الإفادة، فلله الحمد وله الشكر والثناء الجميل، حيث أظهر بما قدره من هذه الأسفار من أولاد الروح مثل هذا اللّيل، وشاهدت الأبصار ما تقر به العين، وانتعشت الأسرار بما أملته فيهم فكان بمنظر منها ومسمع قبل أوان الحين، وهذا بحمد من له القدرة والحول، يجبر خواطر كراسى العلم والمسجد الكبير ويقشع عنهما سحاب توهم الحنين والأنين والتحسر والهول.
فحيث حللتم هناك بهذه الأحوال العجيبة، والأقوال اللطيفة المصيبة،