كان المترجم منكوس الراية، مسيكا ذا خفة وقساوة وطيش، غير متأن ولا ناظر في العواقب، ولا متوقف في سفك الدماء، بويع له بعد أخيه أبي عبد الله محمَّد المدعو ولد عريبة عشية يوم السبت ثالث ربيع النبوى عام واحد وخمسين ومائة وألف، وهو يومئذ بسجلماسة، فوجه له عبيد البُخَارِيّ الذين سعوا في البيعة له شرذمة من الخيل تأتى به من تافيلالت وبمجرد ما اتصل به الخبر، خرج مسرعًا يطوى المراحل، ولما وصل صفرو، وخرج إليه أشراف فاس وعلماؤها وأعيانها وأدوا بيعتهم له، ولما حل بفاس ولى عليها القائد أَحْمد الكعيدى، واستخلف الكعيدى شعشوعا اليازغى، كما عزل قاضيها الشدادى، وولى مكانه السيد محمَّد الدلائى البكري، وأصلح ما كان بين الأدارسة وعامة أهل فاس هناك.
ونهض لمكناس عاصمة ملك والده، ولما دخلها كتب العبيد له البيعة العامة، ووافق عليها أهل الحل والربط ظاهرًا لما كان للعبيد من الاستبداد والسيطرة، ثم وفدت عليه بها الوفود بهداياهم وبيعتهم.
وكان وصوله لمكناسة في رابع عشر ربيع المذكور، وكان فاتحة أعماله بها بعثه بأخيه ابن عريبة السلطان المخلوع قبله المذكور موثقا بالأغلال لفاس، ومنها لسجلماسة سجينا ينضم لغيره من الأشراف الذين بالسجون هنالك، كما وجه السيد عبد المجيد المشامرى بو طالب، والشيخ أبا زيد عبد الرَّحْمَن الشَّاميّ يسجنان بفاس الجديد، وأمر بنهب دار المشامرى المذكور والتنكيل به وسومه سوء العذاب، فامتثل أمره فيه، ولم يزل المشامرى المذكور يتقلب في أنواع أليم العذاب إلى أن مات، وسبب محنة الرجلين شكاية مولاى عمر الأمرانى نهب داره بفاس بتداخل الرجلين.
ثم اشتغل بالبحث على ما في خزائن والده التي لم يلق لها بالا أحد من