وهي طويلة طنانة مثبوتة بخطه في كناشته كسابقتها ولاحقتها.
وما قاله في حقه الشيخ محمَّد محمود أفندي الإسكندرانى من قصيدة رائقة طويلة:
إن يكن في الهوى صدودك حظى ... لا تدع للوشاة منك نصيبا
خل قوما هم الغواة فإنى ... قد رأيت المهدى فينا قريبا
قام فينا للدين ركنا حصينا ... وتخلى للعلم صدرا رحيبا
قرشى عنه سمعنا حديثا ... فرأينا من الحديث عجيبا
ثم رحل ثانية إلى الحج في معية أنجال السلطان المقدس مولاى عبد الرَّحْمَن، وهم: موالينا على، وإبراهيم، وجعفر، وعبد الله، وابن عمهم أبو بكر ابن عبد الواحد بن محمَّد بن عبد الله فبارحوا مكناسا يوم الاثنين خامس رمضان من عام ١٢٧٤، ودخلوا مصر في ١٢ شوال، وخرجوا منها في تاسع ذى القعدة، فدخلوا مكة يوم الجمعة ١٧ قعدة، ودرس بها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا ... (٢٣)} الآية ووقف على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ... (٣٨)} [سورة الحج ٢٣ - ٣٨] ومن ليلة الأحد سابع ذى الحجة تُوفِّي نجل السلطان مولانا إبراهيم ودفن بالمعلى، بجوار مولاتنا خديجة، ثم رحلوا من مكة ودخلوا المدينة سادس المحرم فاتح عام ١٢٧٥، ثم أَعادوا الرجوع، فبلغوا إلى الحضرة الملوكية بمكناس أواخر صفر، وما جاء في الاستقصا من أنَّهم لحقوا بالأمير بمراكش سبق قلم، والحق ما نقلناه من خط المترجم مخبرا عن نفسه.
وقد عد في كناشته حسبما وقفت عليه بخطه عدد المراحل التي قطعوها وبعض الوقائع التي لاقوها في طريقهم، وسمى شيوخ الأَزْهَر الذين فرقت عليهم صلة السلطان على اختلاف مذاهبهم وطبقاتهم بعد أن عين للطبقة الأولى ثمانية