للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في الدرر البهية: كان رحمه الله في العلوم آية باهرة، وعلى أعدائه صاعقة قاهرة، فكم أحيا من علوم، وأباد من ظلوم، وجدد من رسوم، وجدلت سيوفه من بذى غشوم، وكم ضم من حشود، وقهر من حسود، تصدى للخلافة في معظم أيَّام الفتنة، وقد زاحمه إخوته في كل بلدة، ولم يزل يقارع الأهوال، مع معارقة الأحوال، إلى أن تمحضت له ولبنيه من بعده، وناداه منادى يمنه وسعده هـ.

وقال أبو عبد الله الضعيف: كان ذا رأى وحزم وإقدام؛ أيامه (١) أيَّام دعة ورخاء، وأبي وبهجة حسنة، مستبداً برأيه دون وزرائه، قاهرًا في سلطانه إذا أعطى أغنى، وإذا صال أقنى، ذا فضل وكرم وعلو همة، وافياً بالعهود، شجاعاً يباشر الحروب بنفسه، دوخ المغرب بأسره، إلَّا أنَّه مسلط على العتاة والطغاة والظلمة، سفاكاً لدمائهم، رفيقاً بالضعفاء والمساكين واليتامى هـ.

وقال في الشجرة الزكية: فلما تمكن، قتل من أهل فاس ثلاثمائة، ومن العبيد أربعمائة في يوم واحد، وبقتلهم كانت له قوة عظيمة في المملكة هـ.

وقال غيره شديد الغضب، ذا بطش غير متوقف في الدماء ولا واضع في موضع السيف (٢) الندى هـ.

قلت: ومن حكم ذى القرنين الإسكندر الملك البعيد الهمة (نعم العون على إصلاح القلوب الموغرة الترغيب بالأموال وأصلح منه الترهيب وقت الحاجة إليه) وكأن المترجم بهذا كان ينظر في سياسته ولفساد الرعية أسرف في القتل وتجاوز الحد، فكان ما كان مما سيتلى على المطالع.


(١) في هامش المطبوع: "لعله يعني الأيَّام التي لم يكن له فيها منازع والتى لم يلزم فيها قصره".
(٢) في هامش المطبوع: "سيأتى في قتل أهل تطاوين لعاملهم خلافه".

<<  <  ج: ص:  >  >>