للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في نشر المثانى: هو الواحد في العز والمقام، الذي اختاره الله لتصريف أمور الأنام، كان ممن عمرت به الأرضون فأحيا أنجادها وأغوارها، وسعد به أهل العز من كل فريق، وتمهدت به السبل من كل فج عميق، وشقت هيبته المشارق والمغارب، وقال الضعفاء بعزمه ما تمنوه من المئارب، وعمر به سوق العلم بعد دروسه، وضحك به وجه الزمان لأهله بعد عبوسه، ولله در من قال في مديحه:

كفاك افتخاراً أن عزك ظاهر ... وجودك منسى به جود حاتم

وكون سجاياك التي فاح عرفها ... سجايا الملوك الشم أولى المكارم

لعمرى لقد ألقت إليك زمامها ... سروج العلا إذ كنت أحزم حارم

وأغناك رب النَّاس عن جمع عسكر ... برأى مصيب للعساكر هازم

ونفس على فوق السماكين قدرها ... وعقل غنى عن هداية عالم

فأمتنا من كل طار وطارق ... وحصنتنا من كل داه وداهم

قال أبو القاسم الزيانى في تواريخه ما زبدته مع مزيد تنقيح وإيضاح: بويع له بالإمامة العظمى بمكناس بعد وفاة صنوه أبي العباس أحمد الذَّهبيُّ سابق الترجمة، أوائل شعبان عام واحد وأربعين ومائة وألف كما هو ظاهر نصوصهم؛ باتفاق من أعيان الديوان، من عبيد وودايا، وطير الإعلام لإخوانهم جيرانهم أهل فاس وبالغوا في حصنهم على الموافقة على ما ذكر والتسارع لبيعة المترجم، وهو يومئذٍ بسجلماسة، ووجهوا إليه جريدة من الخيل لإعلامه باجتماع الكلمة على بيعته، والإتيان به، ولما وصل الكتاب المشار إليه لأهل فاس تلقوه بكلِّ ارتياح وانشراح، وجمعوا أمرهم وشركاءهم على قراءته على منبر جامع القرويين، وبإثر

<<  <  ج: ص:  >  >>