للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأهم أمر واحد وهو أن لا يطلق أمر الوطن لإنسان واحد كائنا من كان وعلى أى حالة كان.

وقد ختمت هذا التاريخ المطول المستوعب لأحوال نصرنا وانهزامنا بهذه النصيحة بل الصيحة الصادرة عن صميم فؤادى غير مشوبة برياء راجيا بلوغها إلى قلب كل فرنسى ليتيقن جميعهم أنه لا يليق بهم بذل حرمتهم إلى أحد -كما لا ينبغى لهم الإفراط فيها حتى لا تنتهك حرمتها هـ.

وفى حكمة أرسطو أن من الغلط الفادح أن تعود الشريعة بشخص يتصرف بمقتضى إرادته.

هذا ومن تأمل هذه الترجمة ودرسها كما يجب تبين له جليا كيف كانت الرعية تعامل المترجم وهو من خيرة ملوك هذه الدولة التي لا يزال شأنها ممتدا ونفوذها مستمرا وظلها وريفا، ولست متنكبا ولا مغضيا إذا قلت -ملكا من خيرة ملوك هذه الدولة- فقد مر بك كيف انزوى وتورع عن الانتصاب لهذا الأمر مدة يبالغ في الإلحاح عليه فيه ويخاطب بكل رغبة من أجله، ثم مرّ بك كيف كان يعطي العطاء الوافر، وكيف يحسن وفادة القادم المطيع، ويحتفى بالنزيل المخلص، وكيف كان يفزع لكل من يتوسم فيه مقدرة للعمل وأصالة في الرأى وقوة في الحق، فيوليه الأمر ويسند إليه النظر ويشركه السلطان.

فهل كان فاعلا ذلك ومبالغا في الغضب إذ ينتقم من أجل إخلال بالأمور أو سير للشئون على طريقة غير منتظمة أو غير عادلة، إلا خدمة لمبدأ العدالة المنشود، ورغبة في استتباب الأمن المرغوب، وحبا لنشر ألوية السكينة في كل مكان، وتعميم المساواة والحق بين جميع أفراد الإنسان.

فهل كان وهو كما مر بك يأمر بعزل أبناء الروسى واحدًا فآخر مثلا أو آمرًا بولاية أفراد من غيرهم وآخرين من عشيرتهم إلا قاصدًا أن يجد في هذا ما ساء

<<  <  ج: ص:  >  >>