للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحسب الناس منهم صنيعا شريفا أو يرقبون عملا مفيدا، وما هو في ذلك من المعدودين.

فكم كان يكون صلاح الرعية والملك لو استقام المشاور وأخلص الوزير، وكرم عنصر المساعد والمعين، فما إن يولى الولاية كما تقدم في كل موضع أو يمنح الأمر أو يشرك الحكم إلا والعبث مستحكم والاستبداد منتشر، وحبل الأغراض والمطامع ممتد مجالا بعيدا.

ثم ليت شعرى وهذه حال أمة تصادف من متبوعها ما صادفت من صرامة وشدة وطأة وقمع بمختلف وسائل القوة، ثم لا يزيدها الورد إلا عطشا، ولم يكن العلاج لها إلا مثيرا ومحرضا، فهلا كان من الضرورى أن تعامل كما عاملت وتقابل بالنظير مما فعلت؟

وهل يبقى حال شعب هكذا وربك من وقت للنظر في أحوال صلاح أو تمهيد إصلاح فأحرى نظر أحوال خارجية أو أمور تقضى بها ضرورات المدنية، وهذه السبل متقطعة والمواصلات منعدمة، والدماء تسيل، والفتن تتوالى من كل حدب وحبل، إلا من ينصدع من بين أمس الدابر والغد المنتظر.

فلعل التاريخ كان يصارحنا بما يقلل من عظيم مسئولية هذه النكبات والخطوب أن لو كنا لجريانها في وقتها من الحاضرين أو لدراستها بأسبابها ووقائعها المحلية من المستوعبين، وهكذا التاريخ لا يسوغ أن نكتبه أو ننقله، فأحرى أن ننقده ما لم نكن لحوادثه ودقائقه قَلَّت أو جلت من المتعللين، ولأحكامه وشواهده المأثورة من الجالبين.

وما القصد من ذلك إلا خدمة علم التاريخ وإحكام وضع مبانيه على ما تأسس من قواعد محكمة، وأصول مرتبة، وإلا ففيم التاريخ وقد حاد كاتبه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>