يربى المعلم الصبيان، ويحضهم على الصلاة في وقتها، عالى الهمة، ممتع المجالسة، طيب المؤانسة، كامل العقل، سديد الرأى، جميل المعاشرة، ينزل الناس على قدر منازلهم، مراعيا للصحبة حق المراعاة وأكملها.
دخل مكناسة الزيتون في سن الاحتلام مع ابن خالته سيدى عمر الخطاب دفين جبل زرهون، وكان يقرأ القرآن معه بها في مكتب واحد على مؤدب واحد، ثم دخل لفاس، ولقى علماءها، ثم خرج للسياحة فلقى كثيرا من المشايخ، ثم ذهب لزرهون بإذن من شيخه سيدى أحمد المليانى، وطاف البلاد في مقدمه، فدخل مراكش، وَمرّ بدكالة، فتادلا، ثم استقر بمكناسة الزيتون، وصحب الشيخ محمد بن عيسى الفهدى المختارى، وكانت بينهما محبة عظيمة، وموالاة كبيرة، ثم رحل لجبل زرهون، واشتغل بعبادة ربه، وتجرد لإذايته أهل القليعة من الزراهنة حتى الصبيان منهم، ثم انتقم الله منهم بدعائه عليهم، واشتهر أمره وطار صيته، وأقبل الناس عليه من كل ناحية حتى كان بزاويته ما ينيف على الألف من حملة القرآن العزيز، وكانت زاويته آهلة بنشر العلم وبثه في صدور الرجال آناء الليل وأطراف النهار.
ومن كلامه رضى الله عنه: واعلم أنه لا يسمى العارف عارفا وله دعوى، ولا يسمى المحب محبا وله شكوى، ولا يسمى الموحد موحدًا وله اعتراض، ولا يسمى السالك سالكا وله اختيار، ولا يسمى المريد مريدا وله إرادة، من لم يضبط المحسوسات، لا يقدر على ضبط المدسوسات، إذا رأيت السالك لا يفرق في سلوكه بين الاستقامة والاعوجاج، فكفى بجهله دليلا على الاستدراج. وله كلام عال نفيس في الطريق، وقد أُفردت ترجمته بالتأليف.
ودعى بالخياط لمسحه بيده المباركة على رجل من خدام السيد أحمد المليانى كان يستقى له الماء، فاتفق أن ضربته بقرة أحدثت في جسده فتقا فالتأم ذلك الفتق