للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبوصول كتابنا هذا إليك اجمع المدرسين وأرشدهم لما فيه المنفعة العامة، والإفادة التامة، وهو الاقتصار في التقرير على حل كلام المؤلفين وإفهامه للسامعين المتعلمين، مع التنبيه على ما فيه من خطأ وتحريف من غير إكثار هدر، ولا تشغيب بترداد اعتراضات وطرر.

إذ المقصود هو حصول الفهم والإفادة، والمناقشة في الألفاظ إنما هى لغو وزيادة، وليست لأهل التحرير بعادة، وما يقدم قراءة النحو والبيان والمعقول، إلا لتحصيل الملكة التي يتوصل بها إلى فهم المنقول، فلا ينبغى في الفقه مناقشة الألفاظ، ولا نقل كل ما سوده الحفاظ، بل ينبغى الاقتصار على بسط المسائل وفصولها، وتقريبها للفهم بتقرير أصولها، فلا يجاوز الفقيه في سلكة خليل، العام، وإن أطال ففى عامين، ولا يجاوز في الألفية الشهر أو الشهرين كما كان يفعل ذلك جهابذة العلم ونقاده، بل كانوا يسردون خليل في أربعين يوما، والألفية في أقل من ذلك، ويحصل الطلبة في ذلك على علوم جمة، ومسائل مهمة، لا يحصلونها في هذا التماطل والتطويل، وعمارة الأوقات بما ليس عليه تعويل.

ولينظروا في سيرة من قبلهم في التدريس والإلقاء، ويسلكون ما هو أقرب للتحصيل وأمس بتسهيل الفهم والإقراء، فبهداهم فليقتدوا، وبأنوارهم فليهتدوا، ليستفيدوا ويفيدوا، ويبدئوا في نشر العلم ويعيدوا، ويحصل الطلبة الغرباء في ذلك على مرادهم، ويدركوا ما يسره الله على قدر استعدادهم، والله ولى التوفيق.

ومن جملة الأمور الموجبة لقصور فهم المتعلمين وعدم نفعهم، تقصير مجلس الإلقاء وخفته، فلا يجاوز من أطال من الفقهاء الساعة، مع أن من رحل للطلب من بلده ونيته تحصيل العلم يستغرق الأوقات، ويعرض عن الراحة واللذات، ولا يكون له غرض إلا في درس أو نظر، ليحصل مطلوبه على الوطر،

<<  <  ج: ص:  >  >>