ومن ذلك ما سنه للمهاجرين إليه من وطن الجزائر كل سنة خمسمائة مد من القمح بالمد الفاسى لخصوص الأشراف منهم، مع خمسمائة مثقال كذلك، وكان بها خمسمائة ريال أو ما يقرب منها، وذلك زيادة على صلته لهم في الأعياد وكذلك عوامهم من أهل الحرف والزراعة، وقد أصدر أوامره لعماله باحترامهم وتوقيرهم وعدم تكليفهم بأى كلفة من الكلف المخزنية قلّت أو جلّت، وأن لا يسامون بمغرم ولا هدية رعيا لهجرتهم وتغربهم عن أوطانهم.
وقد وقفت له على ظهير كتبه لولده الخليفة يأمره بإسكان القاضى الذى كان مع الأمير عبد القادر دارا تناسبه بفاس وإعانته على مئونته ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع:
"ولدنا الأبر الأرضى سيدى محمد أصلحك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فبوصوله إليك مر الطالب علال الشامى يدفع لحامله السيد عبد القادر بن محمد قاضى الحاج عبد القادر بن محيى الدين ثلاثين مدا من القمح إعانة له على مئونته، وينظر له دارا يسكنها مناسبة لحاله، وإن كان أهلا للتدريس يجعل له ما يستحقه من المشاهرة، على أن يقوم على تدريس مختصر خليل، فقد بلغنا أنه يحسنه، وقد كتبنا لولد عمنا مولاى عبد الهادى بذلك بأن يجعل له ما يستحقه، فإن قيمة كل أحد ما يحسنه والسلام في ١١ رمضان المعظم عام ١٢٦٢".
ومن ذلك أنه لما انتشر القحط بالمغرب سنة أربعين ومائتين وألف بذل للضعفاء والأرامل والأيتام والمساكين، وأمدّ التجار بالأموال لجلب الأقوات من أوربا وغيرها لإيالته، وحدد للمحتكرين الأرباح شفقة على ضعفاء الرعية، وعنف ولام من خالف ذلك، ويكفيك شاهدا على ذلك ما أصدره لأهل العدوتين سَلاَ