للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمقابلتكم، وإنا نفتخر بذلك الافتخار التام، ونرجو أن تقبلوا كلامى الذى هو كلام سلطاننا المفوض إلى الأمر.

فسعادته أول ما وصانى به خصوصا هو أن نمتن ونصحح عقد الصلح الذى تم حديثا بين مالكى المغرب والفرانصيص، ولأجل تسهيل الأمر الذى أرسلت لأجله نستأذن منكم بأن نخلى العوائد المعلومة على جهة، لما كنتم أنعمتم علىّ سابقا حين كنت أرسلت إلى سعادتكم، ونطلب منكم أن تقبلوا كتابى هذا، لأن مقصودى تعجيل الأوبة وإنا نعلمكم بأن قدومى هذا ليس هو مقصورًا على تحديد البلاد فقط، بل لبيان أمر مهم آخر، وهو أن سلطاننا تحقق عنده ما فعلتم قبل من الخير، وأن نيتكم دوامه، كما تحقق عندكم أن نيته ثبات الخير وهو أفضل من كل فائدة، وسبب الفساد الواقع بين الدولتين إنما نشأ عن حلول الحاج عبد القادر بقرب الحدود، ولا يخفاكم أنه أصل كل فساد، وعنه ينشأ، وبفساده تنتقض المحبة المعقودة بين الدولتين، وهو الآن نازل في بلد قلعية وتروهم في ضيافته وإعانته هو وسائر دائرته وما ذلك إلا من كذبه على القبائل بالتمربيط والجهاد يختلهم به بلا طاقة، وفعله هذا كذب محض، يزعم أن ليس غيره آمرا بالدين والجهاد.

ونيته بذلك أن يقيم رعية، ويختلس لنفسه القوة، ويضرم نار الفتنة بين الجانبين، لما علمتم أن مقصوده الأهم، إنما هو سعيه في إفساد رعية المغرب وهذا الحال لا يخفى على سعادتكم، وفيه خطر كبير للدولتين، ولأجل مصالح الفريقين، وجب علينا إزالة هذا المرض خوفا من زيادته، لأن الذى يحب حفظ الصحة الواجب عليه اتقاء ما فيه زوالها، فعليكم مسامحتنا، فإنا نذكركم أنى حين جئت عندكم سابقا منذ ثمان سنين، وبذلت جهدى عند سعادتكم وعند وزيركم الطيب البياز، وبينت لكم كل الفساد الذى سيصدر من الحاج عبد القادر، وكنت

<<  <  ج: ص:  >  >>