وقد كان له رحمه الله اعتناء كبير بتعليمهم وإقرائهم كما جرت بذلك عادة سلفه وخلفه، وكان يجعل لهم معلمين مختصين بهم ويحض على المثابرة والدأب على تفهيمهم وتلقينهم كما ترى في هذا الكتاب الذى بعثه لولده الأكبر الخليفة سيدى محمد ونصه بعد الحمدلة والصلاة والسلام والطابع:
"ولدنا الأبر الأسعد سيدى محمد أصلحك الله والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد وصلنا كتابك على شأن ما كتبنا لك به في أمر طلب إخوانك بالدار البيضاء وأخبرت بحزمه وضبطه وأن معه من مقدمات العلم ما ينبغى لمثله وما قدمته لتعليمهم حتى تخيرته واختبرته، ولم تغفل عن تفقدهم غيبة وحضورا ذلك هو الظن بك أصلحك الله ورضى عنك، وما كتبنا لك بما كتبنا إلا عناية بتدريب الأولاد أصلحهم الله وحملهم على الجد في القراءة والاطلاع على أمور الاعتقاد الذى هو أهم ما اعتنى به المكلف عموما وخصوصا الصبيان ليسبق ذلك إلى أذهانهم، ويمتزج مع دمهم ولحمهم، قال في الرسالة: واعلم أن خير القلوب أوعاها للخير، وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه، وأولى ما عنى به الناصحون ورغب في أجره الراغبون إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين ليرسخ فيها وتنبيههم على معالم الديانات وحدود الشريعة ليراضوا عليها وقد قال الأول:
أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا
فلتؤكد على الطالب المذكور في زيادة الجد والحرم والدأب على التعليم، وتعاهد الأسوار وحضه على تعليمهم الاعتقاد، وأن يقتصر على ما ذكر ابن عاشر في كتاب أم القواعد وما انطوت عليه من العقائد، ويكلفهم بحفظ ذلك الباب وإتقانه وتفهيمهم إياه وتنزيله لعقولهم حتى يدركوا ذلك غاية الإدراك، ويرسخ