فؤاد دعاه الحب من بعد كبرة ... فما للهوى بعد المشيب وماليا
ولكن أدواء الهوى إن تمكنت ... فلا يجد المضنى لهن المداويا
ونحن وقد جف الكتاب معاشر ... رضينا الهوى فليقض ما كان قاضيا
رعا الله أهل الحب من كل حادث ... ولا راعهم عذل لمن لاح لاحيا
ترد على الأعقاب صوب مدامع ... حذار رقيب ليس يبرح واشيا
ولولا عين الكاشحين لخلفت ... مدامع تجريها الغمام الغواديا
وهيهات إطفاء الجوى بجوانح ... تذوب إذا ما الركب أصبح غاديا
يهب الصبا إن هب من نحو حاجر ... كوامن أشواق تزيل الرواسيا
هدير غدير في الهوى لعبت به ... صبابة ذكراه الربوع القواصيا
إذا غردت في الأيك وهنا حمامة ... تذكر نجدا والنقا والمطاليا
وبيتا عتيقا في أباطح مكة ... رفيعا من الديباج ما زال كاسيا
إذا مادنا الركبان منها تجردوا ... وطافوا بها شعثا ظماء بواكيا
وأيقن كل أنه ببلوغه ... لذاك الحمى نال المنا والتهانيا
وأضحى أمينا من عذاب إلهه ... ومن بعد سخط يستبيح المراضيا
هنيئا لقوم ناظرين لحسنها ... عكوفا لديها يحمدون المساعيا
قضوا تفثا بعد الإضافة وانتهوا ... لطيبة يزجون القلوص النواجيا
وراحوا على إثر الوداع وحصبوا ... على فرح يطوون تلك الفيافيا
وما فصلوا حتى تراءت بعيدة ... من الغور أنوار تنير المحانيا
وهبت رياح عاطرات بليلة ... كما فاح ورد بالأزاهر حاليا